تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دروس قيادية من صاحبَي السجن



المراسل الإخباري
10-06-2023, 03:30
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في قصة يوسف عليه السلام عندما دخل معه السجن فتيان الكثير من الدروس القيادية التي تحاول هذه المقالة تسليط الضوء عليها ومنها:
أهمية المظهر والسمعة الحسنة: نلاحظ أن عبارة (إنا نراك من المحسنين) قيلت ليوسف عليه السلام في موضعين: في السجن، وعندما صار على خزائن الأرض. وفي هذا دلالة على أهمية المظهر العام والسمعة الطيبة لأي شخص يتولى القيادة. ومع انتشار ظاهرة في بعض الشركات والمنظمات لقيادات تداوم بلباس غير رسمي وعادي من باب التبسط والعملية والكفاءة، إلا أنني شخصياً من المدرسة التي ترى وجوب التزام القائد بالمظهر الذي يمثل فيه منظمته أفضل تمثيل، ولا يتعارض ذلك مع التبسط ومد الجسور والفعالية، لأن القائد في مظهره وسلوكه هو مرآة منظمته وقدوة لكل من يعمل معه.
استشارة أهل المعرفة الثقات: يحسب للفتيين في السجن أنهما سألا الشخص الصحيح المتمثل في يوسف عليه السلام عن تفسير الرؤيا، ولا يوجد شخص منا أحاط بكل العلوم وألمّ بجميع الخبرات مما يستدعي سؤال أهل الخبرة والمعرفة كل في مجاله. ولا يصلح الحال بدون أخلاق سوية وأمانة في من تتم استشارته بالإضافة إلى العلم والمعرفة.
دقة إيصال المعلومة: كان الفتيان صريحين وصادقين مع يوسف عليه السلام في إعطاء المعلومات الكاملة عن رؤيا كل منهما. وكما أن الطبيب لن يتمكن من وصف العلاج المناسب وإعطاء التشخيص الصحيح ما لم يكن المريض متعاوناً في شرح أعراض المرض وما يعانيه بكل دقة. والأمر نفسه ينطبق على المحامي الذي لن يستطيع الدفاع عن قضيتك ما لم تتعامل معه بكل شفافية وصراحة، ويمكن تطبيق ذلك قيادياً في التواصل الداخلي والخارجي في ضرورة إيصال المعلومة بطريقة صحيحة وواضحة وعدم إخفاء المشكلات الأمر الذي قد يتسبب في تفاقمها وتعقيدها.
الجودة العالية في تقديم الخدمة: يوسف عليه السلام لم يكتفِ بتأويل الرؤيا لصاحبي السجن بل قام بالدعوة إلى توحيد الله عز وجل في مستهل حديثه، والأمر نفسه ينطبق على تفسير رؤيا الملك عن السبع البقرات السمان والسبع العجاف والتي فسرها وأعطى نصيحته وخطته الاقتصادية للتعامل الأمثل مع الأزمة القادمة. وهكذا حال القادة الناجحين الذين يحرصون على تقديم أفضل الخدمات والمنتجات بأعلى جودة متاحة تفوق توقعات العملاء وطالبي الخدمات.
قيمة العلاقات: كانت العلاقة التي بناها الفتى الذي يسقي ربه خمراً مع يوسف عليه السلام في السجن هي الرصيد الذي خدمه في تقديم الحل للمشكلة التي واجهت الملك في رغبته في إيجاد تفسير لرؤياه. وهكذا فعلى الإنسان أن يحرص على الحفاظ على العلاقات الطيبة مع مختلف الأشخاص والجهات التي عمل بها أو تعامل بها فلا يدري متى ستلتقي بهم الدروب أو يحتاجهم أو يحتاجون إليه مستقبلاً، فحتى لو غادرت المكان احرص على إنهاء العلاقة بشكل ودي وطيب، وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن تستهين بأي إنسان كائناً من كان فمن لبث في السجن صار بعدها عزيزاً وعلى خزائن الأرض.
فعالية التسويق الذاتي: طلب يوسف عليه السلام من الفتى الذي ظن أنه ناج أن يذكره عند ربه، وعندما قابل الملك بعد تفسير الرؤيا أخبره أن يجعله على خزائن الأرض وأنه حفيظ عليم. ولا شك أن الإنجازات والأعمال تتحدث عن الشخص ولكن ذلك لا يتنافى مع السعي لتسويق الذات بشرط ألا يكون في ذلك تعدي بسرقة جهود الآخرين أو تسخير جهود المنظومة كاملة لخدمة أغراض شخصية، بل الصورة المثالية أن يكون تسويق القائد في خدمة المنظومة ورسالتها وأهدافها.
وختاماً، يبقى الدرس الأخير في الصبر وتسليم الأمر لله عز وجل، فقد يبذل الإنسان الأسباب ويسعى في كسر الصعاب ولكن لا يصيبه من خير أو شر إلا ما كتبه رب الأرباب، فيوسف عليه السلام دخل في غيابة الجب ليكون في قصر العزيز، ودخل السجن ليكون في معية الملك وعلى خزائن الأرض، فهكذا القائد الفذ الذي قد يظن أعداؤه أنهم هزموه ودفنوه حياً ولكنه يعود وينهض ويكبر كنخلة شامخة باسقة يأوي إلى ظلها المستنجدون من الحر، ويستمتع بجمالها من تعبوا من الحياة وتجود بخيرها وثمارها على الجميع.




http://www.alriyadh.com/2036466]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]