تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدعاء والعقل الباطن



المراسل الإخباري
10-15-2023, 03:16
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
التعاليم النبوية واضحة في تغذية النفس بالعزيمة والإصرار على تحقيق الهدف المصنوع، ولكن كل ذلك منسوب إلى الله، وليس بحولنا وقوتنا نغذي عزائمنا ونحقق أمانينا وأهدافنا..
نسمع عن تغذية العقل الباطن بالمراد وتكراره حتى يصير يقيناً في نفسية صاحبه، فيراه يتجسد على الواقع كما خطط له ورسم، وذلك الشيء كان مجرد حلم وتمنٍ، وقد انساق الكثير من المثقفين ومحبي القراءة بعد هذه الأطروحات، وكونها حقائق في كثير من الحالات، دون الربط بينها وبين قول نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم عن ربه "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" وقوله في الحديث الآخر "لا يرد القدر إلا الدعاء" بل في التنزيل قول الله (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فهنا علق الاستجابة على وجود الدعاء، ولعل التفصيل في الأثر الآخر مبين لهذا، وأن الدعاء مستجاب ولا محالة، فإما أن يعطى صاحبه به في الدنيا، وإما أن يرد عنه من البلاء بمثله، وإما أن تدخر له إلى يوم القيامة، واستجابة الله الدعوات لعباده شيءٌ محسوس وملموس شرعًا وعقلاً وواقعاً.
ولعلك تسأل ما علاقة هذا بالحديث عن تغذية العقل الباطن؟ فأجيب: إن الدعاء نوعان، دعاء مقال ودعاء حال، فأحياناً يكون الشخص معلقًا قلبه بربه ومحسناً ظنه به ويحدد الهدف والمشروع وقد عزم ووثق أنه سيتحقق، فيتحقق، لكن لجهل كثير من الناس وعدم تمعنهم وقراءتهم واطلاعهم تختلط عليه الأمور فيسمي الأشياء بغير مسمياتها ويقع في محاذير شرعية من حيث لا يشعر، فإذا به يفسر استجابة الله له وإعطاءه ما عزم عليه وأحسن ظنه به، يفسرها بتلك التفاسير التي لا تتناقض مع حاله حقيقةً، ولكنه أوتي من قلة اطلاعه ومعرفته، فأجرى المسميات على غير حقيقتها، وما ثم في حقيقة الأمر إلا قَدر الله ومشيئته، وليس للإنسان تصرف فيه مستقل وخارج عن قدر الله سبحانه، وإنما تأتي المقادير على صورة استجابة دعاء أحياناً، وعلى عزم وإرادة وحسن ظن بالله ولو بغير دعاء أحياناً أخرى، وإن تفنن الناس في جحود نسبتها إلى غير العزيز العليم، فهذه سنة جارية في الخلق، ففي التنزيل الحكيم (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فليس هناك شيء يقع في ملك الله بغير مشيئته وعلمه وما قد جرى به القلم، ولله در القائل:
ما شئتَ كان وإن لم أشأ
وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن
خلقتَ العباد لما قد علمتَ
ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد
ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننتَ ، وهذا خذلتَ
وذاك أعنتَ وذا لم تعن
وليس ذلك مقتصرًا على أحوال الفرد الشخصية، ولا على الإنسان وحسب، بل كل مخلوقات الله تجري في قدره وحكمه.
وإذا علم العبد الضعيف ذلك هانت عليه مصائبه، بل ربما قلب بحسن ظنه بربه موازين حياته، وجرت الأقدار على ما ألهمه الله إياه من عزيمة وحسن ظن، وفي الحديث أيضًا : «المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» فهذه التعاليم النبوية واضحة في تغذية النفس بالعزيمة والإصرار على تحقيق الهدف المصنوع، ولكن كل ذلك منسوب إلى الله، وليس بحولنا وقوتنا نغذي عزائمنا ونحقق أمانينا وأهدافنا. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/2037985]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]