المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحقوق المضمونة



المراسل الإخباري
10-19-2023, 03:34
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
من الناس من يُبتلى بالحرص على الانتقام والنكاية بالآخرين، ويُجَسِّدُ هذا الحرص في التعدي على ما أمكنه من حقوقهم، ومن محاسن الأمن والعدالة وسيادة النظام أن مثل هذا يتحمل تبعات اعتدائه، ويُنتصفُ منه لصاحب الحق، ويفوته ما تعمده من مصادرة حقوق الآخرين..
عيش الإنسان في ظلِّ نظامٍ يضمن له حقوقه هو حجر الأساس للأمن والطمأنينة والحياة الهنيئة، وبه تُصانُ للفرد كرامته، وتُحفظُ ضرورياته التي لا تستقيم الحياة بدونها؛ ولهذا تتركز جهود الحضارات القوية والمجتمعات الراقية على إعلاء شأن الأمن والنظام، والدقة في وضع المعايير الكفيلة بإيصال الحقوق إلى ذويها، وإنا لنحمد الله تعالى على ما منَّ به علينا من وسائل العيش الكريم، وفي مقدمة ذلك سيادة الأمن وانضباط الأمور، وكون إجراءات العدالة في دولتنا المباركة تتكفل بحفظ حقوق الإنسان إجمالاً وتفصيلاً، على حسب ما تقرر في أنظمتها المصوغة بكل عنايةٍ والمستمدة من الشرع الحنيف، وبواسطة المنظومة الأمنية والعدلية التي نتمتع بها يُضمنُ حفظ الحقوق المقررة في النظام على حسب تفصيلها لكل من تُشرقُ عليه شمس بلادنا من مواطنٍ ومقيمٍ وزائرٍ، وبناء على ذلك فلا ينبغي أن يُساور القلق أحداً منهم على حقوقه، ما دام تسري عليه هذه الأنظمة، كما لا يسوغ أن يلجأ إلى طريقٍ ملتويةٍ لدفع المظلمة عنه أو لتحصيلِ حقٍّ له عند غيره ظنّاً منه أن حقه لا يصل إليه إلا بذلك، ولي مع ضمان الحقوق وقفات:
الأولى: لو أحسن الناس التعاطيَ مع الحقوق لتلاشت كثيرٌ من الإشكالات والمآزق التي يتورط فيها الناس، وتنتهي بهم إلى المساءلة الجنائية؛ وللخطأ في التعاطي مع الحقوق صور منها أن يزعم الإنسان - على وجه العناد واللجاج المتعمد - أن الشيء الفلانيَّ حقٌّ له، ويتعاطى مع الأمر على هذا الأساس الفاسد، ويُضيفُ إلى هذا أن يتصرف خارج النظام في جميع الخطوات التي يسير بها إلى تحقيق هدفه الباطل، فيكون قد جمع بين الظلم في الغاية التي هي محاولة انتزاع حق غيره، والظلم في الوسيلة حيث افتات على النظام، ومن صوره أن يكون الإنسان صاحب حقٍّ في الشيء، أو صاحب مظلمةٍ معينةٍ، لكنه لا يبحث عن استيفاء حقه بالوجه السليم، بل يتخطى الإجراءات الصحيحة، فلا يحاول التفاهم مع من يطالبه بحقه على الوجوه المتعارف عليها في تصفية مثل حقه، ثم لا يكتفي بالقفز على الأساليب المعتادة، بل يُقدمُ على الافتيات على النظام فيعالج الأمر بطريقته الخاصة التي لا تخلو من مخالفةٍ للأنظمة، وقد تكون جرماً لا مقارنة بين تبعاته وبين أساس الإشكال كمن يُعالجُ استيفاء حقٍّ ماليٍّ بالجناية على النفس أو ما دونها، فيُلحقُ بخصمه ضرراً أفدح، ويضرُّ نفسه بإرهاقها بأعظم التبعات، ولو أفلح في التدرج في معالجة إشكاله لكان أقصى ما يُكلِّفُهُ إجراءات التقاضي، ويستوفي حقه بكل كرامةٍ وصيانةٍ.
الثانية: من الناس من يُبتلى بالحرص على الانتقام والنكاية بالآخرين، ويُجَسِّدُ هذا الحرص في التعدي على ما أمكنه من حقوقهم، ومن محاسن الأمن والعدالة وسيادة النظام أن مثل هذا يتحمل تبعات اعتدائه، ويُنتصفُ منه لصاحب الحق، ويفوته ما تعمده من مصادرة حقوق الآخرين، ويُثبتُ له الواقع أنه لا يسعه ما حاوله من مراغمة النظام، ولا يدري لجهالته أن ضمان النظام للحقوق شاملٌ لصيانتها ابتداءً بحيث لا تُمسُّ بأذى، وشاملٌ لإعادة الأمور فيها إلى نصابها بالانتصاف من الجاني عليها، والغالب تحقق الصيانة الأولى، وإذا ضرب الماكر ضربته فخرقها فالصيانة الثانية له بالمرصاد بفضل الله تعالى، ثم بجهود رجال أمننا وقضائنا المنصف، وهذا المتطاول على الحقوق المضمونة لو قَدَّرَ الأمور تقديرها المناسب لأدرك أن يده مكفوفةٌ عن حقوق الناس بالنظام، فهو - في الحقيقة والمآل - عاجزٌ عن المساس بها، ولو أمكنه ذلك في ظاهر الحال، ومن أهم ما يُعينُ على نظافة السجل العدلي إدراك المرء أنه لا يقدر على الوصول الدائم إلى ما حماه النظام بسياجه، ولو كان بحوزته وتحت تصرفه.
الثالثة: من أخطر أنواع التعاطي السيئ مع الحقوق المضمونة أن يجحدها من بُذلت له، فبعض الناس يضمن له النظام حقّاً ويُبذلُ له، ثم يجحد أنه متاحٌ له، وفي تبرير جحده للواقع يلجأ إلى تفسيراتٍ يُمليها عليه المفسدون في الأرض من أهل الأهواء والتحزبات، ويكثر هذا في رؤوس الفرق الخارجية ومن حذا حذوهم في مفارقة جماعة المسلمين وإمامهم؛ ولهذا إذا فحصت مقالاتهم وتبريراتهم وُجِدَ أن كثيراً منها يدور حول المطالبة بتحصيل الحاصل، ولم تستطع نحلتهم التخلص من عقدة البحث عن المبذول ودعوى غياب الحاضر، منذ أن قام رائدهم الأول الكاذب وتجرأ على دعوى غياب العدل عن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً له: (اعْدِلْ فَإِنَّكَ لَا تَعْدِلُ)، وجروا مع الصحابة على هذا المنوال، ثم استمروا عليه على تنوع في المشارب والمبادئ، وتشكل أحزابهم على حسب ظروف الأزمنة والأمكنة.




http://www.alriyadh.com/2038761]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]