تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المدير الذي يحب المشكلات



المراسل الإخباري
10-20-2023, 04:03
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png كنت في العقد الثاني من عمري أدرس في معهد للغة اليابانية بطوكيو، وكان يوم اختبار المحادثة والاستماع، سألني الأساتذة: "ما هوايتك؟"، فأجبت:"هوايتي هي أن استمع لمشكلات أصدقائي!"، ما زلت أتذكر تعابير وجوه الأساتذة وكأنها تصرخ في وجهي: ويحك، ما هذا الذي تقوله بحق السماء!!". وتابعت حديثي بعد أن طلبوا مني توضيحا أكثر: "إنه لشعور رائع أن تكون محل ثقة من أصدقائك ومن حولك في تلك اللحظات الصعبة، وشعور أكثر روعة أن تراهم وقد صاروا في حال نفسية أفضل وكأنما ألقوا عن كاهلهم تلك الأحمال الثقيلة وتغيرت نظرتهم إلى الحياة وكيفية التعامل مع المشكلات التي يواجهونها بعدما يسمعون نصائحك المتواضعة، لهذا كله هوايتي هي أن استمع إلى مشكلات أصدقائي..". مقالة اليوم تناقش ما إذا كان على المدير أن يستمع للمشكلات..
في الحقيقة، هنالك وجهتا نظر حيال هذه المسألة، والأولى هي أن المدير لديه مهام جسيمة ومسؤوليات عظيمة ولا ينبغي إشغال وقته وتفكيره في توافه الأمور والمشكلات الصغيرة، فالوقت الذي يضيعه المدير في هذه المسائل من الأولى تفويض غيره به والتركيز على قضايا استراتيجية أكبر تخدم مصلحة المنظمة.
وبالمقابل فهنالك وجهة نظر أخرى أن على المدير أن يكون متواجداً لحل المشكلات والاستماع لها من أرض الميدان ليكون على اطلاع على طبيعة التحديات وليس عبر التقارير والأوراق فقط.
بالنسبة لي فكلا الجوابين صحيح ولكن بشكل نسبي، وللتوضيح ففي فترة من فترات عملي، كان لدي اثنان من المديرين يعملان تحت إشرافي وبدأ بينهما تنافس غير صحي وصراعات دائمة ورغم كل المحاولات للإرشاد والتوجيه والتنبيه على الاثنين للتوقف لأن هذا صار يؤثر على بيئة العمل وأداء المشاريع، ومع استمرار المشكلات والشكاوى الكيدية التافهة والتصعيد لكل صغيرة وكبيرة من جانبهما اضطررت إلى الاستغناء عن خدمات الاثنين معاً. وفعلاً تحسن الأداء وواصلت المنظومة مسيرتها.
وقد يتساءل البعض: "لماذا فصلت الاثنين؟" السبب هو أن مهمة المدير هي أن يحل المشكلات ويحتويها ويرفع في حال استنفد كل السبل المتاحة، أما المدير الذي يرفع المشكلات ويفتعل الخصومات باستمرار فهو غير مؤهل للقيادة ووجوده ضرر جسيم على عمل المنظومة والفريق بأكمله.
بكلمة أخرى، مهمة المدير هي أن يستمع للمشكلات ويستشعرها قبل وقوعها ويعمل على معالجتها. ومن الطبيعي ألا يمتلك الوقت للدخول في كل التفاصيل، ولكن من الضروري أن تكون هنالك لقاءات دورية سواء كاجتماعات عامة أو جلسة قهوة وغيرها، أو مسؤول مختص وإيميل لاستقبال الشكاوى والمشكلات لأن إهمال المشكلات وعدم حلها يمكن أن يؤدي لعواقب وخيمة وخسائر كبرى على المدى الطويل.
وختاما، طالما هنالك عمل وإنجاز فهنالك مشكلات وتحديات، ومهمة المدير أن يستمع ويعي المشكلات ويبادر لحلها ويبني هذه الثقافة على مستوى المنظومة بحيث يكون المديرون والموظفون جميعاً على وعي وحرص وقدرة على التعامل مع التحديات وحلها ضمن صلاحيات كل منهم والرفع في حال تعذر ذلك، فالقائد الناجح خادم لموظفيه ومنظمته، فهو يحل المشكلات ولا يخلقها، ويزيح العقبات ولا يصنعها، ويدعم الفريق ولا يحاربه.




http://www.alriyadh.com/2038987]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]