تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يقود زعيم العصابة؟



المراسل الإخباري
10-27-2023, 03:27
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png قبل أعوام كثيرة مضت وأنا في بداية حياتي المهنية، عملت في طوكيو لأيام متواصلة على أحد المشاريع الكبرى التي انتهت بنجاح كبير، وقررت أن أكافئ نفسي برحلة إلى مدينة يابانية صغيرة هادئة وحالمة وسط الجبال تشتهر بالشلالات والمرتفعات والمعالم التاريخية. وإمعاناً في الرغبة في الاسترخاء أخذت قطاراً بطيئاً يتوقف عند جميع المحطات واستأجرت غرفة في بيت ياباني تقليدي. كانت العائلة مضيافة وفي قمة اللطف. وصادف أنني جلست أتجاذب أطراف الحديث مع رب الأسرة الذي كان ذا كاريزما قوية.. ونظر إلي وقال:
لقد مررت بتجارب كثيرة وخضت بحار المصاعب وتجرعت من آلام الحياة، وسأشاركك نصائح للعمر احفظها جيداً إذا ما أردت أن تنجح في هذه الحياة.. وهي:
أولا) لا تصدق أي كلام معسول وصفقة سهلة فلا يمكن أن يكون درب النجاح مفروشاً بالورد والطريق لا يمكن أن تكون دائماً سهلة ومعبدة.
ثانيا) عندما يأتيك أي أمر لا تستعجل وامضغ الفكرة جيدا، إياك والاستعجال في اتخاذ قراراتك المهمة بل خذ وقتك في التفكير ودراسة الموضوع من مختلف الجوانب.
ثالثا) لا تعاند رئيسك أبداً.. مهما حصل اعتذر واحن رأسك حتى لو لم تكن مخطئاً.. مصيرك في النهاية هو بيد رئيسك، فإن رضي عنك تيسرت أمورك وإن غضب عليك تعقدت أمورك وستضيق عليك الأرض بما رحبت.
رغم عدم اتفاقي التام مع النقطة الأخيرة إلا أنني شكرت رب الأسرة على مشاركتي عصارة تجربته القيادية في الحياة، ودعاني الرجل إلى العشاء مع أصدقائه في أحد المطاعم، وتفاجأت أن الجو تكهرب حال دخوله المطعم والكل يناديه "أيها الزعيم" بكل احترام وانصياع.. ودار بيني وبين أحد أصدقاء الرجل حوار حول المديرين السيئين الانتهازيين.. وكان تعليقي بأنني أكره هذه النوعية من المديرين الذين يظلمون موظفيهم ويحرمونهم حقوقهم ويعاملونهم بأساليب عصابات الياكوزا الإجرامية.
ما إن قلت هذه العبارة، إلا وتغير وجه الشخص الذي أمامي وراح الشرر يقدح من عينيه وخاطبني وهو منفعل: "كيف تتجرأ أن تتكلم عنا نحن عصابة الياكوزا بهذا الشكل! لولا أنك ضيف لزعيم عصابتنا لرأيت ماذا كنا سنفعل بك!".
أتذكر أنني ظللت صامتاً لثوانٍ من هول الصدمة وخلايا دماغي تحاول تحليل الموقف.. ومباشرة غادرت المكان وأخذت سيارة تاكسي إلى مقر الإقامة ودفعت الأجرة لتلك الليلة وانتقلت إلى فندق آخر.. وفي صباح اليوم التالي عدت إلى طوكيو مع أول قطار.
من نافلة القول التأكيد على رفض الأعمال الإجرامية والعدوانية واستنكارها واستهجانها من أي شخص أو كيان، ولكن هذا الموقف فسر لي الخلفية التي جاء منها رب الأسرة أو بالأصح زعيم العصابة الذي كان يقود زمرته بناء على تلك النصائح الثلاث.
وختاماً، من المديرين السيئين والظالمين من يمارس أعتى أنواع الإجرام في تعاملاته اليومية مع مرؤوسيه، وإذا ابتليت بمدير كزعيم العصابات، فإياك أن تستلم أو تخنع، بل ارفع رأسك شامخاً واصبر وصابر وواصل دربك نحو القمة واعلم أن ليل الظالمين زائل ومصيرهم الذل والهوان، والمديرون الظالمون وإن أفلتوا من عدالة الأرض فلا مفر لهم ولا مهرب من عدالة السماء.




http://www.alriyadh.com/2040177]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]