لماذا اشتريت الحزام؟

[المراسل الإخباري]

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png رغم أنني أتنقل بين مدن الشرق والغرب، وأسكن في الرياض التي تعد من أكثر المدن التي تنبض بالحياة والنشاط التجاري والثقافي في العالم مؤخراً، مع ذلك كله فهنالك محل صغير في سوق شعبي قديم في طوكيو أحرص على أن أذهب إليه لأشتري منه الأحزمة منذ أكثر من عقد من الزمن. وبصراحة، لا أعرف نفسي ما السر في هذا المحل إلا أنني ارتاح للبس أحزمته التي أشتريها منه والتي تعمر طويلاً بعكس أحزمة الماركات العالمية أو الأحزمة التي تباع في المحلات الفاخرة والأسواق الكبيرة الشهيرة. وقررت أن أسأل صاحب المحل الياباني عن سر هذا النجاح؟
تفاجأت به يحكي لي عن والده الذي بدأ التجارة قبل حوالي مئة عام، وكان يبيع منتجات الملابس اليابانية التقليدية واستطاع أن يحقق مبيعات وأرباحاً أمنت حياة كريمة له ولأسرته. ولكن ومع هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية تغير الوضع ودخلت البلاد في أزمة اقتصادية وتأثرت التجارة والمبيعات بشكل سلبي. وكانت تلك اللحظة هي مفترق الطريق.. فإما الإصرار على مواصلة التجارة بالملابس اليابانية التقليدية في انتظار تحسن الظروف، أو اتخاذ قرار استراتيجي لتغيير المسار.
قرر صاحب المحل أن يوقف بيع الملابس اليابانية التقليدية. فالزمن تحول ودارت عجلة التغيير في البلاد، وكانت نظرته أن الناس ستتحول إلى لبس البدل الغربية وستحتاج إلى أحزمة. وعليه قرر أن يدخل مجال صناعة الأحزمة خاصة أن الكثير من المحلات القريبة كانت توفر الجلود والمواد الأولية المطلوبة لصناعة الأحزمة. ومنذ العام 1948م من وقت اتخاذ ذلك القرار والمحل ناجح ومستمر على مدى 75 عاماً.
شدني الفضول لأن اسأله: كيف استطعت الصمود والبقاء والتفوق على البراندات والماركات اليابانية والعالمية الشهيرة؟ أجابني بأن هنالك عوامل ساعدته على النجاح وهي:
الإصرار على ابتكار المنتجات والتصاميم الجديدة واستخدام مواد أفضل وعملية ومريحة للمستخدمين.

وجود المحل في موقع استراتيجي وسياحي وعامر طوال العام مثل منطقة اساكوسا.

الحرص على الاستماع بشكل جيد لاحتياجات الزبائن والصدق والأمانة في تقديم النصيحة والاقتراحات الأنسب لاحتياجهم، فليس الهدف أن تبيع أغلى منتجاتك بل أن تقدم للزبون ما يحتاجه فعلا.

سألته: ألم تفكر في التوسع وافتتاح فروع جديدة لمحلك في مناطق أخرى من طوكيو أو مدن يابانية مختلفة؟ تبسم وأجابني: "أنا سعيد بعملي الحالي وكسبي من هذا المحل يكفيني ويكفي أسرتي فعلام أشتت نفسي وأتعبها في مشاريع ومحلات جديدة لا أضمن نجاحها ولا أعرف مصيرها!".
في الواقع، قصة محل الأحزمة ذكرتني بكتاب (من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟) للكاتب جونسون سبينسر التي تناقش أهمية المبادرة في التعامل مع المتغيرات وعدم الانتظار والتوقف دون اتخاذ أي قرار أو ردة فعل على الأقل، والفضل في ذلك يعود إلى والد صاحب المحل الذي قرر تغيير مجال صناعته وتجارته.
وختاما، يمكن اختصار أسرار نجاح بائع الأحزمة الياباني في السوق الشعبي في: المبادرة وقيادة التغيير، الابتكار والتحسين المستمر، التموضع الاستراتيجي والتسويق الصحيح، الجودة العالية في المبيعات ورضا العملاء، التركيز ووضوح الأهداف.. ولابد كذلك أن أشيد بالحلم والأناة وصبر صاحب المحل ورحابة صدره في الإجابة على أسئلة زبون مثلي. صحيح أن هذه المحادثة أخذت خمس دقائق ولكنه بذلك كسب ولاء زبون لسنوات طويلة قادمة إذا كتب الله لي العمر بإذن الله..




http://www.alriyadh.com/2041406]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]