المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مساحات الزيف



المراسل الإخباري
11-09-2023, 03:11
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png لم تَعُدْ العوالم الافتراضية مجرّد مساحات يملؤها الخواء والهشاشة، وكل أشكال التسطيح، ولم تصبح مجرّد حاضنة للزيف والنأي عن كل ما له علاقة بالوعي والعلم والفكر الرصين؛ بل إنها أصبحت مسرحاً مثاليّاً للعنف الرمزي، وللقسوة، ولتصدير الفجاجة؛ للدرجة التي جعلت مرتادي العوالم الافتراضية يعيشون خواءً روحياً، ويفقدون حميمية حياتهم وطبيعتها البسيطة الصادقة المبرّأة من الزيف والتصنّع، لقد ألقت تلك المنصّات بمختلف أدواتها وممكناتها، وكذلك بتبعاتها على نسيجهم الاجتماعي وقبلها على ذواتهم التي باتت رهينة للتيه والانكسار والاستقرار النفسي، والأمان المجتمعي، فقد خلقت تلك التطبيقات عالماً موازياً هشّاً جعلهم أسيرين لحياة مصطنعة لا روح فيها؛ حياة مليئة بالاستيهام، والخيالات، والانفصام المروّع عن الواقع، وقد امتد هذا الأثر السلبي على حياة رواد هذا العالم الافتراضي إلى حياتهم الخاصة، إذ لم تعد خاصة بل باتت مشهداً مُشاعاً لكل زائري تلك المواقع، ولم تنجُ خصوصياتهم من هجمات المتلصصين عليها.
اليوم ازداد تغوّل تلك الوسائل، وتجاوز خطرها الانهيار القيمي والأخلاقي والنفسي، فقد استغلّه شريرون سواء كانوا أفراداً أو تنظيمات أو حتى دولاً لتمرير خطابات التحريض والكراهية والتمرد، وإشاعة الفتن والفوضى، لقد رأينا انهمار جماعات وهمية منظّمة ومدعومة من الخارج، ووجدت تلك الجماعات الإرهابية وذوو الفكر التحريضي التدميري المسلوبَ وعيه وفكره، واستقطبته لتحقيق أهداف لا تخفى على المتابع العادي فكيف بالحصيف؟!
إنه عدوان سافر في حضوره وأثره، ومستتر ومتوارٍ في تنظيمه وتمويله والقائمين عليه، ولعل الشواهد من السيل الجارف من التحريض ومحاولة التشويه والاستقطاب على مدار الساعة يكشف بجلاء قذارة هذا الاستهداف الذي يحاول أن يسيء لبلادنا وقيادتها وكذلك جهودها بطريقة حمقاء لا يتجاوز أثرها مكان انطلاقها.
هذا التغوّل والاستشراس اللذان يستميتان في بثّ السموم والتضليل والتشويه للجهود ولكل معاني الإنسانية هما ترجمان صادق لما تنفثه هذه التطبيقات من سموم ومحاولة إيذاء، في المقابل لا تلقى النداءات والشكاوى التي تصل للقائمين عليها من كل بلدان العالم الردع اللازم، وهو ما يعني استمراء مصنّعي تلك الوسائل والتطبيقات في توجّهها المسيء الذي لا يرعوي لقيم الخير والجمال والتسامح وكل المعاني النبيلة، ضاربين عرض الحائط بمصالحهم التي قد تتأثّر بمثل تلك السلوكيات، من انحياز وتحيّز بل مساندة الأشرار ومن يقف وراءهم.
ولعل المبهج في الأمر ما نشهده من ردّات فعل وطنية صادقة وعفوية اتخذها جل المشاهير والمؤثرين على تلك التطبيقات الذين انبروا بوعي ومسؤولية واستشعار لقيم المواطنة فهدّدوا بانسحابهم منها؛ الأمر الذي أحدث دويّاً لافتاً لدى الدول المنتجة لتلك التطبيقات، وهو ما يستدعي تحرّكاً موازياً من قبل هيئات ووزارات إعلام دولنا العربية لتتخذ كل الوسائل القانونية للجم هذه الفوضى والإساءات وتنقية الفضاء من المسيئين الذين باعوا ضمائرهم وقيمهم للآخر المتربّص دون وازع من ضمير أو ولاء ووفاء لوطن.




http://www.alriyadh.com/2042407]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]