المراسل الإخباري
11-11-2023, 03:11
http://www.alriyadh.com/media/thumb/b4/9c/800_b6994ac9a5.jpg ثمّة ظواهر اجتماعيّة لم تأخذ حقّها من الدرس، مع أنّ في دراستها ما يضيف إلى النظريّة النقديّة والثقافيّة، ويقرّبهما من الحياة المعيشة، ويلقي الضوء على طبيعة النشاط الإنسانيّ بصوره المتعدّدة، ومنها ظاهرة استعمال منبّه السيارة «البوري» المحتفظة بحيويّتها.
من نظرة استقرائيّة يُلحظ أنّ دلالات استعماله وتقبّله الاجتماعيّ، تختلف تبعًا للخلفيّات الثقافيّة والحضاريّة والبيئيّة لكلّ بلد -يستثنى ما كان للضرورة- ففي بلدانٍ لا يعدّ استعماله منتقدًا، ولا سماعه مضجرًا، بل قد يأتي في سياق التحية والسلام، وممّا تألفه الآذان، كما أنّه قد يستعمل من غير وعي مُستعمِله، فيما يشبه العادة -مثلما يضرب الحلّاق أحيانًا بمقصّه من دون أن يقصّ شعرةً- فترى معظم سائقي تلك المجتمعات، يسارعون –على سبيل المثال- إلى إطلاق منبّه سيارتهم ما إن تضيء الإشارة المروريّة باللون الأخضر من دون غضاضة عليهم، أو شعور بالإزعاج أو الاستنكار لمن هو أمامهم من السائقين ممّن لم يتأخروا في التحرّك أو يكونوا ساهين، حتى تخال أنّ سلكًا خفيًّا قد رُبط بين إشارة المرور الخضراء ومنبّه السيارة.
في حين استعماله في بلدان أخرى، يُعدّ ازعاجًا وأمرًا مستفزًا، و«اعتداء سمعيًا» على الآخر يثير امتعاضه واستهجانه، إن لم يكن ثمّة ضرورة مُلحة، ومن هنا، ونتيجة لهذا التباين في استعماله يجدر الوقوف عنده بوصفه واقعة ثقافيّة تشكّل علامة ثقافيّة، ونشاطًا ثقافيًّا/اجتماعيًّا، يمكن تأويله وفق مرجعيات ثقافيّة متنوّعة، من أجل اقتراب من جوهر الإنسان والإنسانيّة وحقيقتهما.
فمنبّه السيارة علامة ثقافيّة يتجاوز وظيفته العمليّة، له دلالاته الثقافيّة، ومضمراته العميقة التي قد تشير إلى وضعيات نفسيّة، وربمّا تاريخيّة وحضاريّة تساعد في فهم الإنسان كمنتج ثقافيّ وحضاريّ، وإعادة بنائه ثقافيًّا والارتقاء بجودة حياته.
ففي مشاهد من مدنٍ مختلفة الثقافة، بحثًا عن منطق المعنى الذي تسلكه العلامة الثقافة/منبّه السيارة يبرز حضورها جليًّا في المجتمعات المكتظّة والبيئات الصاخبة التي تعاني من فائضٍ كبيرٍ في الصّخَبِ والغضبِ المكبوت، والقلق الموفور، فلا وقت عندهم لتوقير الكبير، ولا للعفو عن المسيء مهما صغر ذنبه، فالعصبيّة حاضرة من أدنى زلةٍ، والبيئة تصرخ، والأنفاس تضيق، فيضيع ضجيج منبّه السيارات في ذاك الزحام، ليمسي منسجمًا مع الضجيج المزمن، لذلك فالفرد منهم حين يذهب إلى ثقافة تستنكر ذلك السلوك لا يشعر بأدنى خطأ في تصرفه.
إنّ ممارسته في هذه المجتمعات تمنح الفرد منهم –ولو في لا وعيه- طاقة تعبيريّة، وقدرة معنويّة في التأثير ونشوة لحظيّة في إزعاج الآخر، وانتقامًا لجرحٍ عتيق، وتماهٍ من ضجيج سرمديًّا لا يبرح فضاءهم، إنه يمنحهم شعورًا بالامتلاك.
في مقابل ذلك تقف مجتمعات على النقيض من ذلك، كما هو الحال في المملكة، فاستعماله في الأغلب لا يصدر إلّا في حالات الضرورة، أو من متهور لا يقاس عليه، أو مستجدّ في القيادة جاهل في العرف المتأصل، وهو في كلّ الأحوال مثير للانتباه، ومستهجن، وهذا الأمر يحيل إلى التساؤل عن السبب وراء اختلاف استعماله عن المجتمعات الأولى، وهو ما يمكن ردّه من دون تفضيل أو تحيّز إلى العوامل النقيضة للأولى، ففي المملكة فائض من الهدوء والسكينة، وبيئة صحراويّة تعلّم الصبر ويغشاها السكون، إضافة إلى روح التمسّك بقيم عربيّة نقيّة تُعلي من قيمة التسامح، وتؤثر الكرم قولًا وفعلًا، وتدعو إلى تمثّل الشخصية العربيّة المسلمة الوقورة متمثّلة الآية الكريمة: «وعبادُ الرحمن الذين يمشون على الأرضِ هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا».
http://www.alriyadh.com/2042813]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
من نظرة استقرائيّة يُلحظ أنّ دلالات استعماله وتقبّله الاجتماعيّ، تختلف تبعًا للخلفيّات الثقافيّة والحضاريّة والبيئيّة لكلّ بلد -يستثنى ما كان للضرورة- ففي بلدانٍ لا يعدّ استعماله منتقدًا، ولا سماعه مضجرًا، بل قد يأتي في سياق التحية والسلام، وممّا تألفه الآذان، كما أنّه قد يستعمل من غير وعي مُستعمِله، فيما يشبه العادة -مثلما يضرب الحلّاق أحيانًا بمقصّه من دون أن يقصّ شعرةً- فترى معظم سائقي تلك المجتمعات، يسارعون –على سبيل المثال- إلى إطلاق منبّه سيارتهم ما إن تضيء الإشارة المروريّة باللون الأخضر من دون غضاضة عليهم، أو شعور بالإزعاج أو الاستنكار لمن هو أمامهم من السائقين ممّن لم يتأخروا في التحرّك أو يكونوا ساهين، حتى تخال أنّ سلكًا خفيًّا قد رُبط بين إشارة المرور الخضراء ومنبّه السيارة.
في حين استعماله في بلدان أخرى، يُعدّ ازعاجًا وأمرًا مستفزًا، و«اعتداء سمعيًا» على الآخر يثير امتعاضه واستهجانه، إن لم يكن ثمّة ضرورة مُلحة، ومن هنا، ونتيجة لهذا التباين في استعماله يجدر الوقوف عنده بوصفه واقعة ثقافيّة تشكّل علامة ثقافيّة، ونشاطًا ثقافيًّا/اجتماعيًّا، يمكن تأويله وفق مرجعيات ثقافيّة متنوّعة، من أجل اقتراب من جوهر الإنسان والإنسانيّة وحقيقتهما.
فمنبّه السيارة علامة ثقافيّة يتجاوز وظيفته العمليّة، له دلالاته الثقافيّة، ومضمراته العميقة التي قد تشير إلى وضعيات نفسيّة، وربمّا تاريخيّة وحضاريّة تساعد في فهم الإنسان كمنتج ثقافيّ وحضاريّ، وإعادة بنائه ثقافيًّا والارتقاء بجودة حياته.
ففي مشاهد من مدنٍ مختلفة الثقافة، بحثًا عن منطق المعنى الذي تسلكه العلامة الثقافة/منبّه السيارة يبرز حضورها جليًّا في المجتمعات المكتظّة والبيئات الصاخبة التي تعاني من فائضٍ كبيرٍ في الصّخَبِ والغضبِ المكبوت، والقلق الموفور، فلا وقت عندهم لتوقير الكبير، ولا للعفو عن المسيء مهما صغر ذنبه، فالعصبيّة حاضرة من أدنى زلةٍ، والبيئة تصرخ، والأنفاس تضيق، فيضيع ضجيج منبّه السيارات في ذاك الزحام، ليمسي منسجمًا مع الضجيج المزمن، لذلك فالفرد منهم حين يذهب إلى ثقافة تستنكر ذلك السلوك لا يشعر بأدنى خطأ في تصرفه.
إنّ ممارسته في هذه المجتمعات تمنح الفرد منهم –ولو في لا وعيه- طاقة تعبيريّة، وقدرة معنويّة في التأثير ونشوة لحظيّة في إزعاج الآخر، وانتقامًا لجرحٍ عتيق، وتماهٍ من ضجيج سرمديًّا لا يبرح فضاءهم، إنه يمنحهم شعورًا بالامتلاك.
في مقابل ذلك تقف مجتمعات على النقيض من ذلك، كما هو الحال في المملكة، فاستعماله في الأغلب لا يصدر إلّا في حالات الضرورة، أو من متهور لا يقاس عليه، أو مستجدّ في القيادة جاهل في العرف المتأصل، وهو في كلّ الأحوال مثير للانتباه، ومستهجن، وهذا الأمر يحيل إلى التساؤل عن السبب وراء اختلاف استعماله عن المجتمعات الأولى، وهو ما يمكن ردّه من دون تفضيل أو تحيّز إلى العوامل النقيضة للأولى، ففي المملكة فائض من الهدوء والسكينة، وبيئة صحراويّة تعلّم الصبر ويغشاها السكون، إضافة إلى روح التمسّك بقيم عربيّة نقيّة تُعلي من قيمة التسامح، وتؤثر الكرم قولًا وفعلًا، وتدعو إلى تمثّل الشخصية العربيّة المسلمة الوقورة متمثّلة الآية الكريمة: «وعبادُ الرحمن الذين يمشون على الأرضِ هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا».
http://www.alriyadh.com/2042813]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]