المراسل الإخباري
11-18-2023, 04:12
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png لا زمن للشعر إلا أن يكون لكل الزمن.. ولا حصر للقصيدة إلا أن تكون شائعة كالعطر ورائجة كالنميمة وخالدة كالمحال.. هي نافذة الغد وشمس الأمس وضمير الحاضر.. تتقلب الأيام والأحداث على يديها وتبقى على مرمى حنين واستجابة نداء.
لا أعرف كيف يكون الشعر كل هذا الفضاء المتسع لبكائياتنا منذ وقوف جدنا امرئ القيس بطلل محبوبته التي لا نعرف عنها أكثر من أن شيخنا الكبير استوقفنا للبكاء على أطلالها.. ولا نعرف عن ليلى قيس إلا أنها الفتنة التي أخذت بعقل ابن الملوح، حتى ذلك العظيم المتنبي لا نعرف عن نبوءاته إلا أنه الحاضر فينا لكل رأي حكيم أو المشتعل بنرجسيته حد الموت..
هو هكذا الشعر لا يكتفي بزمن واحد كي يسلبه منه فن آخر.. بل إن الحقيقة تشي بعكس هذا بالفعل، فالذين يؤكدون على أن هذا الزمن هو زمن الرواية يتجاهلون تجربة ثرية جداً كتجربة أحلام مستغانمي مثلاً أو حتى تجربة روائي عظيم كواسيني الأعرج وهي القائمة على اللغة الشعرية الخالصة، أي أنها تكاد تكون منجزاً شعرياً لا روائياً في آخر الأمر..
لكنهم لا يزالون يتحدثون عن غياب الشعر فينا يحيلوننا بين حين وآخر إلى التاريخ كلما تذاكرنا الشعر.. نعم، هم أولئك الذين كلما تورّطوا بالكلام نادوا على شاعر هناك وراء التاريخ وآخر من بين ركام المخطوطات وثالث من أقاصي الإغريق.
لهذا يحضر الشعر في كلامهم وتفوح منه رائحة الخلود ربما لأنهم وهم يحاولون تغيير خارطة الذاكرة اللغوية فينا لصالح فنون أخرى نسوا أو تناسوا أنها كلها تقريباً تناسلت من الشعر وتربّت في كنفه ورعايته.. حتى الرواية التي تصدّرت المشهد الإبداعي لدينا خلال السنوات القليلة الماضية تربّت هي الأخرى بين كنف الشعر وجغرافيته الطويلة والإطلاع على بعض الكتب التراثية القديمة كالرسائل الفنية التي كتبها أجدادنا من مثل ابن شهيد الأندلسي أو ابن الطفيل أو حتى الجاحظ إنما كانت عبارة عن روايات مبكرة جداً من وجهة نظري الخاصة، ولم تكن ذات حضور كبير لولا رعاية الشعر لها بصورة أو بأخرى ولو حتى ضمن المناخ العام لحضورها فينا.
ولعل ما لا يمكن تجاهله في كل هذا الجدل المفتعل يتمثل في تلك الشعرية التي تحرّكنا على مستوى التصور والتخييل، حتى بتنا ننسب صفة الشاعري لكل ما هو حالم أو تخييلي أو بصبغة جمالي.. فنقول مثلاً: جو شاعري.. ومنظر شاعري.. إلخ.
إذن هو الشعر الذي يبقى لتنمو اللغة.. يبقى ليرحل الإنسان فينا إلى جوهره المتوهج والحارق كي تتبخّر روحه عبقاً إنسانياً خالداً.. يبقى الشعر ليدلنا على جماليات الوجود فلا نستكشف من خلالها إلا دواخلنا ولا نكتب به إلا كل تاريخنا.
لهذا يذهب الشعراء وتبقى قصائدهم غاية الاستدعاء، وحبيباتهم عرضة للمحاكاة، وأسماؤهم أولى بالتذاكُر، وتاريخهم أشهى للتدارس.. شمسهم لا يدركها الليل ولا ينام عنها الصباح، ثوابهم الحضور وعقوبتهم التقلّب بين يدي المواجع.. وفي آخر الأمر يموتون طويلاً ليعيشوا أطول من موتهم.
فاصلة:
القائمونَ على الظنونِ يزوِّرون الذنب في صمتي..
وينتحلون ما اقترفت يدايْ..
لا شيء يشبهني سوايْ.
http://www.alriyadh.com/2044071]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
لا أعرف كيف يكون الشعر كل هذا الفضاء المتسع لبكائياتنا منذ وقوف جدنا امرئ القيس بطلل محبوبته التي لا نعرف عنها أكثر من أن شيخنا الكبير استوقفنا للبكاء على أطلالها.. ولا نعرف عن ليلى قيس إلا أنها الفتنة التي أخذت بعقل ابن الملوح، حتى ذلك العظيم المتنبي لا نعرف عن نبوءاته إلا أنه الحاضر فينا لكل رأي حكيم أو المشتعل بنرجسيته حد الموت..
هو هكذا الشعر لا يكتفي بزمن واحد كي يسلبه منه فن آخر.. بل إن الحقيقة تشي بعكس هذا بالفعل، فالذين يؤكدون على أن هذا الزمن هو زمن الرواية يتجاهلون تجربة ثرية جداً كتجربة أحلام مستغانمي مثلاً أو حتى تجربة روائي عظيم كواسيني الأعرج وهي القائمة على اللغة الشعرية الخالصة، أي أنها تكاد تكون منجزاً شعرياً لا روائياً في آخر الأمر..
لكنهم لا يزالون يتحدثون عن غياب الشعر فينا يحيلوننا بين حين وآخر إلى التاريخ كلما تذاكرنا الشعر.. نعم، هم أولئك الذين كلما تورّطوا بالكلام نادوا على شاعر هناك وراء التاريخ وآخر من بين ركام المخطوطات وثالث من أقاصي الإغريق.
لهذا يحضر الشعر في كلامهم وتفوح منه رائحة الخلود ربما لأنهم وهم يحاولون تغيير خارطة الذاكرة اللغوية فينا لصالح فنون أخرى نسوا أو تناسوا أنها كلها تقريباً تناسلت من الشعر وتربّت في كنفه ورعايته.. حتى الرواية التي تصدّرت المشهد الإبداعي لدينا خلال السنوات القليلة الماضية تربّت هي الأخرى بين كنف الشعر وجغرافيته الطويلة والإطلاع على بعض الكتب التراثية القديمة كالرسائل الفنية التي كتبها أجدادنا من مثل ابن شهيد الأندلسي أو ابن الطفيل أو حتى الجاحظ إنما كانت عبارة عن روايات مبكرة جداً من وجهة نظري الخاصة، ولم تكن ذات حضور كبير لولا رعاية الشعر لها بصورة أو بأخرى ولو حتى ضمن المناخ العام لحضورها فينا.
ولعل ما لا يمكن تجاهله في كل هذا الجدل المفتعل يتمثل في تلك الشعرية التي تحرّكنا على مستوى التصور والتخييل، حتى بتنا ننسب صفة الشاعري لكل ما هو حالم أو تخييلي أو بصبغة جمالي.. فنقول مثلاً: جو شاعري.. ومنظر شاعري.. إلخ.
إذن هو الشعر الذي يبقى لتنمو اللغة.. يبقى ليرحل الإنسان فينا إلى جوهره المتوهج والحارق كي تتبخّر روحه عبقاً إنسانياً خالداً.. يبقى الشعر ليدلنا على جماليات الوجود فلا نستكشف من خلالها إلا دواخلنا ولا نكتب به إلا كل تاريخنا.
لهذا يذهب الشعراء وتبقى قصائدهم غاية الاستدعاء، وحبيباتهم عرضة للمحاكاة، وأسماؤهم أولى بالتذاكُر، وتاريخهم أشهى للتدارس.. شمسهم لا يدركها الليل ولا ينام عنها الصباح، ثوابهم الحضور وعقوبتهم التقلّب بين يدي المواجع.. وفي آخر الأمر يموتون طويلاً ليعيشوا أطول من موتهم.
فاصلة:
القائمونَ على الظنونِ يزوِّرون الذنب في صمتي..
وينتحلون ما اقترفت يدايْ..
لا شيء يشبهني سوايْ.
http://www.alriyadh.com/2044071]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]