المراسل الإخباري
11-30-2023, 03:37
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
من أسمج أنواع التنكُّرِ ما مسَّ الحقَّ العامَّ، وتجسَّدَ في غمطِ وجحودِ أفضالِ الوطن وقيادته؛ ولا يُستغربُ أن يكون التنكُّر للوطن على هذا المستوى من القبح؛ لأن الـمُقدِمَ عليه قد أظهر بفعلته تلك أن أنواع الإحسان التي يُمكنُ للإنسان أن يُسديها إلى غيره لا تقع عنده موقعها الملائم لها..
يختلف تعاطي الناس مع الإحسان اختلافاً كبيراً، فمنهم من يقع عنده الموقعَ الحسنَ اللائقَ به، فيقابله بالوفاء، والاعتراف بالفضل لذويه، ومنهم من يُقصِّرُ فيه بعضَ التقصير، فلا يفي كلَّ الوفاء، ولا يتنكَّرُ كلَّ التنكُّر، ومنهم من يتنكَّرُ له ويجحده بلسان الحال أو المقال، ومَنْ كان من هذا الصنف فهو غارقٌ في وهمٍ عميقٍ مركبٍ من عِدَّة اعتقاداتٍ فاسدةٍ؛ منها: أنه يرى أن في الاعتراف بالفضل لأهله غضاضةً، فيتجنبه ابتغاءَ الترفعِ الموهوم، ولو صحا من غفوة الوهم لعلم أن الرفعة كامنةٌ فيما فرَّ منه من الوفاء، وأن ما اختاره من إنكار الجميل هو الغضاضةُ بعينها، ومنها أنه يستشعر أنه يتخلص من مُؤَنِ الشكر، وما يستدعيه من أقوالٍ وأفعالٍ دالةٍ على الاعتراف بمنة الـمُنعم، فيتوهم أنه مرتاحٌ قد أزاح عن كاهله ثقلاً عظيماً، ولو فكّر قليلاً لأدرك أن التنكُّر هو العبءُ الحقيقيُ، وأن تجلُّدَ المتنكِّر له نهايةٌ ستخور عندها قُوى الجحود، وسيحاسبه ضميره على ما أقدم عليه من مقابلة الحسنى بالنكران، ولن يخدع نفسه، ولو خدع الناس بظهوره بمظهر المتحرر من ربقة الامتنان، ولي مع التنكُّرِ وقفات:
الأولى: الـمُنعمُ على الحقيقة هو الله تعالى، ولا يمكن أن تصل مِنَّةٌ إلى عبدٍ إلا وربه هو الفاتحُ بها عليه، فأحقُّ من شُكِرَ على النعم هو الله تعالى، وأول ما يُشكرُ به على نعمِهِ الإقرارُ له بوحدانيته، ثم كلما كان العبد أكثر انقياداً له بأداء ما افترض عليه، أو ندبه إليه من وظائف القلب واللسان والجوارح كان أكثر أداءً لواجب شكر ربه، وأقبحُ أنواعِ التنكُّرِ على الإطلاق عدمُ الإقرارِ بتوحيده، والمعاندةُ في نسبةِ المنَّةِ إليه، وإنكارُ كونِهِ الـمُعطي المنَّانَ، كقول قارون لما ذُكِّرَ بنعمة الله تعالى عليه: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)، أو إنكارُ من نقله الله من حالةٍ مزريةٍ إلى حالةٍ حسنةٍ كونَه قد مرَّ بما أنقذه الله منه كقول من ابتلاهم الله تعالى ممن قبلنا لما ذُكِّرَ بإنعام الله عليه بالصحة والمال بعد المرض والفقر: (إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ)، ومن التنكُّرِ لنعمة الله تعالى ما هو غير صريح، كالاكتفاء بنسبة الفضل إلى الأسباب من أشخاصٍ وغيرها، وقد فسر به بعض السلف قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)، فالواجبُ على العبد تجنُّب ذلك، والتمرُّن على إضافة الإنعام إلى الله تعالى أولاً ثم شكر من كان السبب في إيصاله إليه؛ ولا تعارض بين الأمرين؛ لأن الله تعالى قد أمر بشكر المحسن، لكن يُعبَّرُ عن ذلك بصيغةٍ لا تقتضي محذوراً شرعياً.
الثانية: من أسمج أنواع التنكُّرِ ما مسَّ الحقَّ العامَّ، وتجسَّدَ في غمطِ وجحودِ أفضالِ الوطن وقيادته؛ ولا يُستغربُ أن يكون التنكُّر للوطن على هذا المستوى من القبح؛ لأن الـمُقدِمَ عليه قد أظهر بفعلته تلك أن أنواع الإحسان التي يُمكنُ للإنسان أن يُسديها إلى غيره لا تقع عنده موقعها الملائم لها، وإلا فالجاحدون لحقوق أوطانهم إنما توصلوا إلى آلياتِ إبرازِ الجحود بعد ما بذلت لهم الأوطان الكثيرَ من العطاءِ المتنوع المأمول فيمن بُذِلَ له أن لا يُنكره، والعقدةُ النفسيةُ التي يُعاني منها هؤلاء تتمثل في أن يرى الإنسان لنفسه الحق في أن يُبذل له ما أراده، ولا يرى على نفسه حقَّ الشكرِ والوفاءِ لمن بَذَلَ له الفضل، فالمتنكرون لأوطانهم والبائعون لها يرون لأنفسهم على الوطن وقيادته حقَّ الرعاية، والحماية، وإتاحة سبل العيش الكريم، ولا يرى أحدهم على نفسه حقّاً متمثلاً في الإخلاص لوطنه، والغيرة عليه، والدفاع عنه على الوجه الذي يُطيقُهُ ويليق به، ولا يعرف لوليِّ أمره حقَّ السمعِ والطاعةِ والتوقير، ولا يأخذ نفسه بواجب الحرص على السلم الاجتماعي، واحترام أنظمة الدولة، وقيم المجتمع.
الثالثة: من التنكر البالغ السوء التقصير في حقِّ أهل الفضل على الشخص، وفي مقدمتهم الوالدان، فإدارة الظهر لهم خصلةٌ شنيعةٌ لا سيما بعد بلوغهم مرحلة الوهن والشيخوخة، وهذا التنكُّرُ قبيحٌ بأيِّ وجهٍ كان، ومعلومٌ أن كثيراً من الناس لا يرضى لنفسه الاتصاف بالتنكُّرِ للوالدين؛ لأسبابٍ منها الامتثال لأمر الله بالإحسان إليهما وأداء حقوقهما، وقد تَعُودُ إلى الأحاسيس الفطرية، والالتزامات العرفية، والخوف من طائلة النظام، لكن يتهاون كثيرٌ من الناس ببعض خصال التنكُّرِ لهما من حيث يدري أو لا يدري، ومن ذلك نَصْبُ الإنسانِ نفسه ندّاً لأحد والديه بشكلٍ يتجلّى فيه التقليل من الشأن، وعدم التوقير والاحترام كمعارك الرأي، والرأي الآخر، والأخذ والرد في الجدال، ونحو ذلك، ومن التنكُّرِ المذموم جدّاً تناسي حقِّ المعلمِ في أيِّ مرحلةٍ كان تعليمه، ومعاملته كسائر الناس، فهذا دليلٌ على نسيان الجميل، وسوء تصورٍ لرسالة العلم، ورفعة شأنه.
http://www.alriyadh.com/2046064]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
من أسمج أنواع التنكُّرِ ما مسَّ الحقَّ العامَّ، وتجسَّدَ في غمطِ وجحودِ أفضالِ الوطن وقيادته؛ ولا يُستغربُ أن يكون التنكُّر للوطن على هذا المستوى من القبح؛ لأن الـمُقدِمَ عليه قد أظهر بفعلته تلك أن أنواع الإحسان التي يُمكنُ للإنسان أن يُسديها إلى غيره لا تقع عنده موقعها الملائم لها..
يختلف تعاطي الناس مع الإحسان اختلافاً كبيراً، فمنهم من يقع عنده الموقعَ الحسنَ اللائقَ به، فيقابله بالوفاء، والاعتراف بالفضل لذويه، ومنهم من يُقصِّرُ فيه بعضَ التقصير، فلا يفي كلَّ الوفاء، ولا يتنكَّرُ كلَّ التنكُّر، ومنهم من يتنكَّرُ له ويجحده بلسان الحال أو المقال، ومَنْ كان من هذا الصنف فهو غارقٌ في وهمٍ عميقٍ مركبٍ من عِدَّة اعتقاداتٍ فاسدةٍ؛ منها: أنه يرى أن في الاعتراف بالفضل لأهله غضاضةً، فيتجنبه ابتغاءَ الترفعِ الموهوم، ولو صحا من غفوة الوهم لعلم أن الرفعة كامنةٌ فيما فرَّ منه من الوفاء، وأن ما اختاره من إنكار الجميل هو الغضاضةُ بعينها، ومنها أنه يستشعر أنه يتخلص من مُؤَنِ الشكر، وما يستدعيه من أقوالٍ وأفعالٍ دالةٍ على الاعتراف بمنة الـمُنعم، فيتوهم أنه مرتاحٌ قد أزاح عن كاهله ثقلاً عظيماً، ولو فكّر قليلاً لأدرك أن التنكُّر هو العبءُ الحقيقيُ، وأن تجلُّدَ المتنكِّر له نهايةٌ ستخور عندها قُوى الجحود، وسيحاسبه ضميره على ما أقدم عليه من مقابلة الحسنى بالنكران، ولن يخدع نفسه، ولو خدع الناس بظهوره بمظهر المتحرر من ربقة الامتنان، ولي مع التنكُّرِ وقفات:
الأولى: الـمُنعمُ على الحقيقة هو الله تعالى، ولا يمكن أن تصل مِنَّةٌ إلى عبدٍ إلا وربه هو الفاتحُ بها عليه، فأحقُّ من شُكِرَ على النعم هو الله تعالى، وأول ما يُشكرُ به على نعمِهِ الإقرارُ له بوحدانيته، ثم كلما كان العبد أكثر انقياداً له بأداء ما افترض عليه، أو ندبه إليه من وظائف القلب واللسان والجوارح كان أكثر أداءً لواجب شكر ربه، وأقبحُ أنواعِ التنكُّرِ على الإطلاق عدمُ الإقرارِ بتوحيده، والمعاندةُ في نسبةِ المنَّةِ إليه، وإنكارُ كونِهِ الـمُعطي المنَّانَ، كقول قارون لما ذُكِّرَ بنعمة الله تعالى عليه: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)، أو إنكارُ من نقله الله من حالةٍ مزريةٍ إلى حالةٍ حسنةٍ كونَه قد مرَّ بما أنقذه الله منه كقول من ابتلاهم الله تعالى ممن قبلنا لما ذُكِّرَ بإنعام الله عليه بالصحة والمال بعد المرض والفقر: (إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ)، ومن التنكُّرِ لنعمة الله تعالى ما هو غير صريح، كالاكتفاء بنسبة الفضل إلى الأسباب من أشخاصٍ وغيرها، وقد فسر به بعض السلف قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)، فالواجبُ على العبد تجنُّب ذلك، والتمرُّن على إضافة الإنعام إلى الله تعالى أولاً ثم شكر من كان السبب في إيصاله إليه؛ ولا تعارض بين الأمرين؛ لأن الله تعالى قد أمر بشكر المحسن، لكن يُعبَّرُ عن ذلك بصيغةٍ لا تقتضي محذوراً شرعياً.
الثانية: من أسمج أنواع التنكُّرِ ما مسَّ الحقَّ العامَّ، وتجسَّدَ في غمطِ وجحودِ أفضالِ الوطن وقيادته؛ ولا يُستغربُ أن يكون التنكُّر للوطن على هذا المستوى من القبح؛ لأن الـمُقدِمَ عليه قد أظهر بفعلته تلك أن أنواع الإحسان التي يُمكنُ للإنسان أن يُسديها إلى غيره لا تقع عنده موقعها الملائم لها، وإلا فالجاحدون لحقوق أوطانهم إنما توصلوا إلى آلياتِ إبرازِ الجحود بعد ما بذلت لهم الأوطان الكثيرَ من العطاءِ المتنوع المأمول فيمن بُذِلَ له أن لا يُنكره، والعقدةُ النفسيةُ التي يُعاني منها هؤلاء تتمثل في أن يرى الإنسان لنفسه الحق في أن يُبذل له ما أراده، ولا يرى على نفسه حقَّ الشكرِ والوفاءِ لمن بَذَلَ له الفضل، فالمتنكرون لأوطانهم والبائعون لها يرون لأنفسهم على الوطن وقيادته حقَّ الرعاية، والحماية، وإتاحة سبل العيش الكريم، ولا يرى أحدهم على نفسه حقّاً متمثلاً في الإخلاص لوطنه، والغيرة عليه، والدفاع عنه على الوجه الذي يُطيقُهُ ويليق به، ولا يعرف لوليِّ أمره حقَّ السمعِ والطاعةِ والتوقير، ولا يأخذ نفسه بواجب الحرص على السلم الاجتماعي، واحترام أنظمة الدولة، وقيم المجتمع.
الثالثة: من التنكر البالغ السوء التقصير في حقِّ أهل الفضل على الشخص، وفي مقدمتهم الوالدان، فإدارة الظهر لهم خصلةٌ شنيعةٌ لا سيما بعد بلوغهم مرحلة الوهن والشيخوخة، وهذا التنكُّرُ قبيحٌ بأيِّ وجهٍ كان، ومعلومٌ أن كثيراً من الناس لا يرضى لنفسه الاتصاف بالتنكُّرِ للوالدين؛ لأسبابٍ منها الامتثال لأمر الله بالإحسان إليهما وأداء حقوقهما، وقد تَعُودُ إلى الأحاسيس الفطرية، والالتزامات العرفية، والخوف من طائلة النظام، لكن يتهاون كثيرٌ من الناس ببعض خصال التنكُّرِ لهما من حيث يدري أو لا يدري، ومن ذلك نَصْبُ الإنسانِ نفسه ندّاً لأحد والديه بشكلٍ يتجلّى فيه التقليل من الشأن، وعدم التوقير والاحترام كمعارك الرأي، والرأي الآخر، والأخذ والرد في الجدال، ونحو ذلك، ومن التنكُّرِ المذموم جدّاً تناسي حقِّ المعلمِ في أيِّ مرحلةٍ كان تعليمه، ومعاملته كسائر الناس، فهذا دليلٌ على نسيان الجميل، وسوء تصورٍ لرسالة العلم، ورفعة شأنه.
http://www.alriyadh.com/2046064]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]