المراسل الإخباري
01-13-2024, 03:16
http://www.alriyadh.com/media/thumb/a9/68/800_8f6075832f.jpg أكتب هذا المقال بعد أن شاهدت حلقة برنامج «كتاب ومنعطف» على قناة الثقافية، وهذه الحلقة الأولى التي تنبئ عن حلقات مقبلة ثرية بالمعرفة من خلال كتاب، وقد حاولت أن أُعمل منهج تحليل المحتوى على هذه الحلقة –تحليل جزئي ووفق رؤية إعلامية وليست اجتماعية بما يتماهى مع طبيعة العمود الصحفي- فهي حلقة مثالية لمثل هذا التطبيق، وقد جاءت الحلقة تحت عنوان «مقدمة ابن خلدون» من تقديم أ. د. سعد البازعي، والضيوف د. عبدالسلام الوايل، وأ. سليمان السلطان، وبثت يوم 2 يناير 2024م.
بدأت الحلقة بمستوى عالٍ من إبراز الموضوع الرئيس من خلال كلمة البازعي الافتتاحية، والمادة المعدة. كان الحديث عن كتاب رئيس وهو مقدمة ابن خلدون، وكتب مستدعاة، فجاء كتاب «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو، و»قلق الحضارة» لسيغموند فرويد. تولى الوايل الحديث عن الجانب العلمي والشخصي لابن خلدون والسلطان الجانب الفلسفي، وفي هذا المقال فإن الوقوف على الجانب الثقافي الذي تضمنته هذه الحلقة سيكون وفق هذا التوزيع، فالجانب العلمي والشخصي يضعنا أمام مشهد ثقافي إسلامي وعربي خرج فيه ابن خلدون مفسراً طبيعة الفكر الذي تبناه، فالعالم العربي والإسلامي كانا يمران بحالة من التحول من ثقافة عربية إسلامية أعادت تشكيل الهوية الثقافية للعالم بدخول دين جديد ولغة جديدة وتصدرهما على المشهد الثقافي ترجمة وتأليفاً وسلطة ونفوذ إلى حضارة بدأت تتكسر أجزائها الهشة بفعل الغزو المغولي، وضبابية الرؤية الحضارية التي كانت حادة في ظل دول عربية وإسلامية متلاحقة، وجاء ابن خلدون ليدرس التاريخ دراسة فلسفية انطلقت من الواقع وبنت عليه رؤيتها لما كُتب قبله، والتخمين حول المتوقع من أحوال المجتمعات في مستقبلها، وعن الرأي حول ابن خلدون بين متأثر ومُقلل من جهده الذي كان رأي ابن حجر فيه أنه مجرد كاتب صاحب أسلوب يشبه أسلوب الجاحظ وهذا يحيل إلى رأي د. سعد الصويان المتفق ولو جزئياً مع هذا الرأي، بينما كان يرى العسقلاني وتلميذه ابن إياس من بعده أنه كتب كتاب جدير بالاهتمام ويتفق معهم في العهد الحديث د. الجابري، ووصولاً إلى الحديث عن كتاب روسو في الفكر السياسي والاجتماعي الحديث، وكتاب فرويد حول الحضارة وما يؤثر فيها وطبيعتها القلقة.
وفي الجانب الفلسفي كان البناء الثقافي الذي صوره السلطان يرتكز على التوجهات الأربع الفلسفية الكبرى، والتي استطاع ابن خلدون أن يوجد بالإضافة لها مدرسة خامسة شكلت المدرسة الخلدونية، وقد ربط السلطان رؤية هوبز الفلسفية برؤية ابن خلدون المتشائمة في مقابل رؤية متفائلة تبناها علماء آخرون، كما فلسف البازعي والسلطان مفهوم الانتصار والغلبة وفق رؤية فكرية عميقة تحيل إلى معنا آخر للهزيمة والنصر.
وفي الحقيقة إننا لن نستطيع اختزال ولو جزء يسير من هذه الحلقة الثرية، ولكن يمكن ومن خلال هذا المقال أن نقدم اقتراحاً إلى «هيئة الأدب والنشر والترجمة» أن تقدم برنامجاً موازياً يستثمر مثل هذا الطرح الكثيف يكون فيه تحليل عميق للمفردات التي جاءت في هذه الحلقة والحلقات المقبلة، وأن توجد تعاوناً مع الصفحات الثقافية مثل صفحات جريدة «الرياض» وغيرها لمزيد من الاتصال بين حلقات الثقافة المتنوعة، ويكون الانطلاق من خلال هذا البرنامج والذي أرى أنه فعلياً منعطف ونقطة تحول ثقافي في جدية الطرح وقيمته المتعدية التي يمكن استثمارها والانطلاق منها لمشاريع ثقافية رصينة إلى جانب المشاريع الكبيرة والناجحة إعلامياً وجماهيرياً وثقافياً التي تقدمها هيئة الأدب والنشر والترجمة.
http://www.alriyadh.com/2053661]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
بدأت الحلقة بمستوى عالٍ من إبراز الموضوع الرئيس من خلال كلمة البازعي الافتتاحية، والمادة المعدة. كان الحديث عن كتاب رئيس وهو مقدمة ابن خلدون، وكتب مستدعاة، فجاء كتاب «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو، و»قلق الحضارة» لسيغموند فرويد. تولى الوايل الحديث عن الجانب العلمي والشخصي لابن خلدون والسلطان الجانب الفلسفي، وفي هذا المقال فإن الوقوف على الجانب الثقافي الذي تضمنته هذه الحلقة سيكون وفق هذا التوزيع، فالجانب العلمي والشخصي يضعنا أمام مشهد ثقافي إسلامي وعربي خرج فيه ابن خلدون مفسراً طبيعة الفكر الذي تبناه، فالعالم العربي والإسلامي كانا يمران بحالة من التحول من ثقافة عربية إسلامية أعادت تشكيل الهوية الثقافية للعالم بدخول دين جديد ولغة جديدة وتصدرهما على المشهد الثقافي ترجمة وتأليفاً وسلطة ونفوذ إلى حضارة بدأت تتكسر أجزائها الهشة بفعل الغزو المغولي، وضبابية الرؤية الحضارية التي كانت حادة في ظل دول عربية وإسلامية متلاحقة، وجاء ابن خلدون ليدرس التاريخ دراسة فلسفية انطلقت من الواقع وبنت عليه رؤيتها لما كُتب قبله، والتخمين حول المتوقع من أحوال المجتمعات في مستقبلها، وعن الرأي حول ابن خلدون بين متأثر ومُقلل من جهده الذي كان رأي ابن حجر فيه أنه مجرد كاتب صاحب أسلوب يشبه أسلوب الجاحظ وهذا يحيل إلى رأي د. سعد الصويان المتفق ولو جزئياً مع هذا الرأي، بينما كان يرى العسقلاني وتلميذه ابن إياس من بعده أنه كتب كتاب جدير بالاهتمام ويتفق معهم في العهد الحديث د. الجابري، ووصولاً إلى الحديث عن كتاب روسو في الفكر السياسي والاجتماعي الحديث، وكتاب فرويد حول الحضارة وما يؤثر فيها وطبيعتها القلقة.
وفي الجانب الفلسفي كان البناء الثقافي الذي صوره السلطان يرتكز على التوجهات الأربع الفلسفية الكبرى، والتي استطاع ابن خلدون أن يوجد بالإضافة لها مدرسة خامسة شكلت المدرسة الخلدونية، وقد ربط السلطان رؤية هوبز الفلسفية برؤية ابن خلدون المتشائمة في مقابل رؤية متفائلة تبناها علماء آخرون، كما فلسف البازعي والسلطان مفهوم الانتصار والغلبة وفق رؤية فكرية عميقة تحيل إلى معنا آخر للهزيمة والنصر.
وفي الحقيقة إننا لن نستطيع اختزال ولو جزء يسير من هذه الحلقة الثرية، ولكن يمكن ومن خلال هذا المقال أن نقدم اقتراحاً إلى «هيئة الأدب والنشر والترجمة» أن تقدم برنامجاً موازياً يستثمر مثل هذا الطرح الكثيف يكون فيه تحليل عميق للمفردات التي جاءت في هذه الحلقة والحلقات المقبلة، وأن توجد تعاوناً مع الصفحات الثقافية مثل صفحات جريدة «الرياض» وغيرها لمزيد من الاتصال بين حلقات الثقافة المتنوعة، ويكون الانطلاق من خلال هذا البرنامج والذي أرى أنه فعلياً منعطف ونقطة تحول ثقافي في جدية الطرح وقيمته المتعدية التي يمكن استثمارها والانطلاق منها لمشاريع ثقافية رصينة إلى جانب المشاريع الكبيرة والناجحة إعلامياً وجماهيرياً وثقافياً التي تقدمها هيئة الأدب والنشر والترجمة.
http://www.alriyadh.com/2053661]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]