المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا تفشل حملات التوعية ضد التنمر؟



المراسل الإخباري
02-08-2024, 03:31
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في كل مرة تنطلق فيها حملات توعوية ضد التنمر تتزامن معها حملات تنمر مناهضة تعصف وتطيح بها قبل انتشارها، بل تصبح محل تنمر وتندر وسخرية، إن دراسة الأسباب التي تفسر هذا القمع المجتمعي لأي مظهر توعية للسلوك الاجتماعي لم يتحقق بعد لأنه ببساطة المشكلات العميقة لا تعالج بترندات وقد ناقشت هذا الأمر أكثر من مرة لكن يبدو أن صوتي أبكم، في نظرة عاجلة على المدارس باعتبارها بؤرة التنمر الأقوى بجانب المنزل والشارع أجد أن مدارسنا فشلت بأمر مهم جداً إلا وهو «بناء مهارة الصداقة». نعم، الصداقة مهارة وليست هبة، وهي احتياج وليست رفاهية، وفي إنجلترا يتعلم الأطفال منذ سن مبكر أهمية احترام الأصدقاء والاندماج مع المحيط مع حفظ الاستقلالية الشخصية، لكن بالمقابل تعليمنا جيلاً بعد جيل لم يستطع أن يردم هذه الفجوة الإنسانية بل ما أكثر الكبار المتنمرين والأصدقاء الفاشلين، بل إن الكثير من مفاهيم الصداقة لدينا تنحصر في مزاجية الفرد أو تعصباته المناطقية أو حتى ذائقته، والواقع أن هذا التشوه الإنساني هو مرتع خصب للتنمر وهو التربة المغذية للنرجسية والمضطربين.
كن صديقي، لتكن مبادرة ليس للصداقة بين الجنسين بمعناها الشاعري، لكن بين النساء والنساء أنفسهم، والرجال بعضهم البعض، والأطفال والبشر والكائنات الحية، بل حتى الجمادات. بادر بالسلام والتحايا ولا تتردد بتقديم نفسك لمحيطك، الصداقة الحقيقية تغذي الحاجة للاستقرار ولأن تشعر بأن صوتك مسموع، أغلب العلاقات الإنسانية تنتهي عندما يتكلم أحد الطرفين ويصمت الآخر، أو يصبح حديث أحدهم محل قلق ونزاع، في 2021 أجرت الباحثة د. إيناس منصور والمختصة في الإرشاد النفسي دراسة استطلاعية على طالبات جامعة الطائف لمعرفة مستوى الصداقة لديهن، وتوصلت النتائج إلى توفر مستوى عالٍ من الصداقة بين الطالبات كما وجدت تأثير للمستوى المادي والحالة الاجتماعية، اللافت أن الطالبات اللاتي يعدن لأسر يتجاوز عدد أفرادها (5-8) أكثر ميلاً لتكوين الصداقات لشعورهن للحاجة لإثبات وتحقيق الذات، الدراسة بذرة مهمة لدراسات مستقبلية كدراسة اتجاهات الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة على مستوى المملكة، كذلك مهم قراءة ومعرفة واقع الصداقات الافتراضية والأحكام المجتمعية.
أما عن دور الصداقة وتأثيرها على الذكاء الوجداني فقد وجد الباحث د. أحمد الشافعي، والمختص في علم النفس، أن للصداقة تأثير مباشر على الإتقان والتفاؤل والتعامل الفعال مع الذات والتعامل مع الآخر، والمفاجئ أنه لم توجد أي دلالات في النتائج لتأثير الحالة الاجتماعية على الصداقة بخلاف ما هو متعارف من جحود النساء مثلاً لصديقاتهن بعد الارتباط كقولبة مجتمعية مثبطة وقديمة، بل وجدت الدراسة أن الصديقات الناجحات لديهن القدرة على الشعور بالثقة والإتقان أكثر من غيرهن، وقد سبق أن ناقشت المختصة النفسية آنا فورباش في دراسة للصداقة لدى المراهقين (لم أجد دراسة عربية للأسف) أن للصداقة ثلاثة محكات؛ وهي القدرة على التعبير عن الحالة الشعورية والتعاون والمشاركة، والجانب الأهم أن الصداقة خبرة انفعالية، وقد أكدت أن الكفاءة العاطفية تتكون من مجموعة من المهارات، والحديث عن تلك المهارات بشكل مستقل يوفر تصويرًا وتقييمًا أكثر دقة للفرد، حيث ظهرت السيطرة على عواطف الفرد كمتغير رئيس في الحفاظ على التفاعلات الاجتماعية الإيجابية. وأفاد المراهقون الذين كانوا أكثر قدرة على التحكم في مظاهرهم العاطفية عن جودة صداقة أكبر، وتصرفوا بطرق اجتماعية إيجابية، وكانوا أقل عدوانية تجاه أقرانهم من أولئك الذين كانوا أقل مهارة في ذلك.
أخيراً، فإن للتقنية أيضاً نصيب إما بزيادة التفاعل الإنساني أو حتى خلق التوجس المفرط والشك بالآخر، لا بأس لنعد ترتيب أوراقنا قليلاً ونضع المزيد من الخطط القابلة للتنفيذ وترك المنصات الاجتماعية وبهرجتها والنزول للميدان، فهذا الجيل لن يسامحنا حينما يصل لأرذل العمر وحيداً! كونوا بخير.




http://www.alriyadh.com/2058289]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]