المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تهريب الأسرار



فارس الفرسان
12-31-2005, 18:27
تهريب الأسرار

قصة: عيد الناصر


أبو أسعد¡ الموظف البسيط¡ رأى أن أقصر الطرق وأسهلها للثروة والسعادة هو "اليانصيب". تناول ورقة المشاركة وأخذ يملأ الفراغات بارقام يبحث عن مبرر ليجمعها كعائلة واحدة تبارك فوزه المرتقب. ترى ماهي الأرقام التي ستفوز¿ في المرة الأولى اختار أعمار أفراد عائلته القريبة. في المساء¡ و بتوتر واضطراب كان ينتظر سماع الأرقام الفائزة¡ كان يفكر في طريقة صرف هذا المبلغ. هل سيشتري بيتا جديدا¿ أم سيارة جديدة¿ ويسرح الى البعيد .. من يدري .. إحساس عميق وغامض يخبره بأن الحظ سيكون حليفه في هذه التجربة الجديدة. سمع صوت الموسيقى المميزة التي يبثها البرنامج التلفزيوني لحظة بث الإعلان عن نتائج المسابقة. كرة زجاجية تسمح برؤية ما بداخلها¡ و في قاع الكرة الزجاجية تقبع مجموعة من الكرات الصغيرة¡ وكل كرة كتب عليها رقم واحد فقط.
بابتسامة رقيقة خطت طفلة الى كرة الأسرار وضغطت على زر أحمر فتقافزت الكرات الصغيرة داخل الكرة الزجاجية كما تتقافز حبات الذرة الصفراء حين تلسعها حرارة الزيت وهي توزع وشوشاتها على الأطفال المنتظرين تذوقها بفارغ الصبر على مداخل الأسواق الجديدة. تدحرجت كرة تحمل الرقم 20. بحلق في ورقته باحثا عن الرقم.. مسح العرق عن جبتهه¡ للأسف الرقم غير موجود¡ كان عليه أن يكتب 20 بدلا من 21¡ اللعنة على هذه الأرقام. ولكن لا زال هناك مجال للفوز¡ فالأرقام المطلوبة 5 أرقام من ستة. ضغط الطفل الصغير على الزر مرة أخرى¡ رقص قلبه على إيقاع الكرات¡ وخرجت الكرة المنتظرة¡ قفز من مكانه¡ انه الرقم 49 الموجود في ورقته. انتشى فرحا وتناول مشروبا مثلجا زاده حبورا. لم تكن الكرات التالية لها علاقة بورقته. دس رأسه تحت الوسادة ونام باكرا.
لم ييأس رغم مرور السنوات¡ لا يحتاج سوى مبلغ بسيط يقتطعه من غذائه مرة واحدة أسبوعيا¡ وأن تحقيق أمله مرة واحدة كفيل بجلب السعادة المنتظرة. سمع يوما بأن الجن يستطيعون معرفة الأسرار. وكذلك الموتى وهم في حالة البرزخ الروحي يطوفون في هذا العالم ويرون ما هو مخفي. تمنى لو كان يعرف السحر لكي يستخرج جنية أو جنيا يساعده في هذا الأمر. حدثه أحد أصدقاء الصبا بأنه كان يستحضر جنية جميلة كان يعشقها وتعشقه.
استيقظ ذات صباح وهو مذهول محتار¡ استحم بشكل سريع ونسي أن يحلق ذقنه¡ لبس ملابسه وجرى الى أقرب مكان وهو يردد الأرقام: 20¡ 17¡ 25 ....¡ حتى وصل الى أقرب مكان لبيع تذاكر المشاركات¡ استل ورقة جديدة وكتب الأرقام قبل أن تصبح حلما يصعب تذكره مرة أخرى. أحس بفرحة وسعادة تغمر كيانه¡ وأخذ يمشي الهوينى الى مسكنه.
لم يتصور بأن والده سوف يزوره في المنام ليخبره بالأرقام المطلوبة للفوز. زاره في الحلم وكأنه موظف في احدى المدارس وكانت المدرسة بفنائها وفصولها تشبه مدرسته الابتدائية قبل عقود¡ أعطاه والده رزمة من المفاتيح وقال له: هذه مفاتيح الغرف رقم : 20¡ 17¡ 25... افتح كل غرفة وتأكد بأن كل الطلبة قد غادروا المدرسة.
لقد عرف بأن هذه كانت حيلة والده لتجاوز الممنوع في اتصال الموتى بالأحياء وعدم كشف الأسرار¡ وحتى يبقى العالم الآخر على الحياد من طلبات البشر وشهواتهم التي لا تنتهي.
جلس أمام التلفاز منتظرا الموسيقى الخاصة¡ ولكن هذه المرة ليس ككل المرات¡ فهو واثق من النتيجة¡ فهذه المرة هناك من هرب الأسرار.
أطل صبي يلبس بنطالا أزرق وقميصا ورديا¡ أعطى الجمهور ابتسامة وضغط على الزر وانفصلت كرة عن السرب متجهة الى مخرج الصندوق الزجاجي.. لم يكن الرقم الأول موجودا على ورقته... ولكن...
في صباح اليوم التالي كان يملأ ورقة جديدة.

موتي ولا دمعه أمي
01-01-2006, 19:11
مشكور ياأخوي فارس الفرسان على الموضوع الحلو

مع تحياتي