الديمقراطية أكبر من الصناديق

يخطئ من يعتقد أن الديمقراطية تختزل في صناديق الاقتراع¡ أو في نتائج الانتخابات¡ وإنما هي مجموعة تراكمية لعناصر عدة¡ تبدأ بالأفراد ولا تنتهي بالحكومة.. لذلك يقول عباس محمود العقاد: "قبل أن تنشأ في الأمة ديمقراطية سياسية¡ يجب أن تسبقها الديمقراطية الاجتماعية"¡ وهنا المحك الرئيس.
بغض النظر عما سبق عملية الانتخابات الأميركية¡ وما صاحبها من حدة ومفاجآت وجنون¡ إلا أنه انتهى كل شيء بمجرد أن أعلنت النتائج¡ حتى لو أشرنا لوجود مظاهرات مناهضة¡ إلا أنها لا تعدو عن كونها مسيرات للتعبير عن الرأي¡ وليس للقدح بالنتائج¡ ويمكن اختصار المشهد الديمقراطي الأميركي بما قالته هيلاري كلينتون بعد الهزيمة¡ وكذلك لقاء باراك أوباما بالرئيس المنتخب الجديد دونالد ترامب¡ رغم كل الحروب الكلامية بينهم.
نستطيع أن نقول أن الأميركيين اتخذوا قرارهم¡ وبمنأى من كوني أراه الأنسب لنا في المنطقة¡ حتى الآن على الأقل¡ إلا أنه يظل رأيا¡ لا يمكن أن يتعدى ذلك¡ لكن المفاجئ بالنسبة لي هي الآراء التي انتشرت في منطقتنا¡ لدى العرب حتى أكون أكثر تحديدا¡ والتي راحت تخون وتلعن وتنشر الشائعات¡ وتتكهن بالمستقبل الأميركي¡ وتزايد على ديمقراطيتها¡ ناسية أو متناسية أن هذا هو اختيارهم¡ ومن حقهم أن ينتخبوا ما يرونه الأفضل لهم¡ فكما أننا لا نرض أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية¡ فيجب أن نطبق ذلك على الآخرين.. ليس مصادرة للآراء¡ بل محاربة للمزايدات.
يفترض أن نتذكر دائما أن ما يظهر لنا من خارج المشهد¡ يختلف عن احتياجات المواطن الأميركي في الداخل¡ فما قد نراه هامشيا¡ قد يكون بالنسبة له كل شيء¡ والعكس غالبا صحيح.. كما لا يجب أن لا ننسى أن "الخراب الأوبامي" أفقد الناخبين الثقة بوعود حزبه¡ وقد يكون دعم أوباما سببا - غير مباشر - لإخفاق هيلاري¡ حيث إنهم لم يعد يصدقوه¡ ولنا في أرقام شعبيته الدليل.
مرة أخرى¡ وعاشرة.. ما حدث في الانتخابات الأميركية¡ هذه الانتخابات على وجه التحديد¡ تحتاج الكثير من الوقت للتحليل¡ على كل الأصعدة¡ وبسببها ستتشكل الكثير من النظريات.
وقبل أن أختم¡ تذكرت ما قاله رونالد ريغان يوما¡ حيث يبدو وكأنه يشرح الوضع الجديد¡ في التحول من اللاشيء إلى الشيء¡ بمجرد أن تحتفي بك الصناديق¡ حيث يقول: "توجد مزايا لأن يتم انتخاب المرء رئيسا¡ فبعد يوم واحد من انتخابي أمرت بتصنيف نتائجي في المدرسة الثانوية تحت بند سري للغاية". والسلام
amjadalmunif@gmail.com




إضغط هنا لقراءة المزيد...