العرب والجود

علاقة وثيقة بين الكرم والتضحية جسدها العرب منذ القدم ووثقتها اشعارهم سواء في الجاهلية أو في الاسلام وهي من العادات والقيم التي أقرها الاسلام للعرب وحث عليها. فلا تستغرب من العربي الجود والإيثار والتضحية فكلها تصب في الكرم وكون العرب أهل حمية وسجايا حسنة فيما يميلون له فقد فتحوا للكرم والجود أبوابا عدة فالمجاهد يجود بنفسه وهذه غاية الجود والكريم يتحرر من قبضة يده ويبسطها في أكرام الضيف وأبواب البر والإحسان وصاحب القوة يساعد الضعيف وينصره بالحق.
اذا جادتِ الدنيا عليكَ فجُدْ بها
على النـاسِ طـراً إِنها تَتَقَلَّبُ
فلا الجود يفنيها إِذا هي أقبلت
ولا البخلُ يُبْقيها إِذا هي تَذْهَبُ
وأعظم صور الكرم ما يكون مع الفقر والحاجة وقلة ذات اليد¡ وهذه كانت من أخلاق العرب في الجاهلية¡ فهذا حاتم الطائي أمير الكرم وشاهد من شواهد العرب على الكرم والجود في وقت الحاجة ومن قصصه التي تجسد الكرم والإيثار ما فعله عندما أتاه الضيف وليس في بيته ما يقدمه له فعمد الى فرسه فذبحها وأوقد ناره وأكرم ضيفه وأشبع جيرانه وأطعم أهل بيته يقول الشاعر وهذ الشاعر البخيت السبيعي يذكر تقلبات الدنيا وعدم ثباتها ثم يذكر الكرم وأنه لن يجد مع كرم حاتم الطي مجالا للكرم فقد سبقه بالكرم الحقيقي.
أشكي على الخلاق وأرفع له إيدي
لا كــثــرت الأفــــكــار يـفــك مــنها
أما الكرم قـــد فاز به حاتم الــطـي
حتى الفرس من شان ضيفة طعنها
خلوني أكرم في حــيــاتي وأنا حي
و لا مــت مدري جثــتي من دفــــنها
خــلـفت في الدنيا وانا ما معي شي
و بروح منها ما مــعــي شــي منها
وقد تنافس العرب في مجالات الكرم بمقياس وفق مايجدونه واعتبروا الكرم صنو الشجاعة وقد قالو في الأمثال (راع الكرم معان) ويعتبرون الكرم خصلة حميدة ترفع من مقام صاحبها وتجعل له محبة عند الله وعند الخلق يقول حاتم الطائي:
لا الجود يفنى المال قبل فنائه
ولا البخل في المال الشحيح يزيد
فلا تلتمس بخلا بعيش مقتر
لكل غد رزق يعود جديد
ألم ترى أن الرزق غاد ورائح
وأن الذي يعطيك سوف يعود
والعربي بعاداته وتقاليده وما توارثه من أجداده امتلك تلك الخصلة التي يعدها شرطا أساسيا في رجولته وقد جاء الإسلام مؤيدا لبعض هذه العادات والسلوكيات ومنها الكرم والوفاء بالعهد وعدم الغدر والشجاعة ولقد تأثر الإنسان العربي بهذه العادات بشكل كبير¡ وأصبحت جزءا من كرامته وشيمته العربية¡ ومن ذلك الكرم العربي الأصيل وخصوصا في اكرام الضيف وفتح الباب للزائر وقد وجد في الكرم العربي مفردات وادوات شعبية وردت في أشعارهم تؤكد نبذ العربي البخل وحبه لإكرام الضيف¡ وهذا ما تميز به من بين جميع الأجناس وهي خصلة رفعت من شانه¡ فالجود والكرم من صفات الله العلي العظيم يقول الشاعر محمد بن شلاح المطيري:
امـل الوجـار وخلـي البـاب مفـتـوح
خوف المسير يستحـي مـا ينـادي
نبغي الى جـاء نـازح الـدار ملفـوح
وشاف البيوت مصككة جـاك بـادي




إضغط هنا لقراءة المزيد...