«ليعذرني استاذي النقيدان»

لم أتعوّد طيلة حياتي المهنية¡ الدخول على زميل صحافي¡ أو الدخول في سجال مع أي كاتب آخر¡ إيماناً مني بحرية الرأي¡ غير الخادش¡ وغير الصادم للرأي العام¡ مهما كانت حدته¡ أو قسوته¡ أو حتى صراحته.
لكن ما صدر عن الأستاذ الكاتب الكبير منصور النقيدان¡ مؤخراً¡ من تعبيرات عمومية¡ لقناتي العربية وMBC¡ حينما قال إنه «يسهل استحمار السعوديين» بسبب انضمام بعضهم لجبهتي «داعش» و»النصرة» الإرهابيتين¡ وتورّطهم في أعمال مُسيئة¡ ومُدانة لنا جميعاً¡ تستدعي أكثر من وقفة حقيقية.. خاصة وأنها أثارت غضباً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي¡ وصل حدَّ المطالبة بمعاقبته وإيقافه.
صحيح أن أستاذنا الفاضل¡ كانت لديه الشجاعة¡ واعتذر على عبارته الصادمة التي قالها قبل عامين تقريباً في قناة «العربية»¡ ثم عاد وكررها مؤخراً على قناة MBC¡ معتبراً أنها جاءت بحُسن نيّة¡ أو غيرة كما برّرَ في حسابه الشخصي على «تويتر».. وختم اعتذاره بالقول إن «هذه العبارة نبعت من شفقة¡ ونية صادقة¡ وقصدت منها الأشخاص الذين ينجرفون وراء التنظيمات الشريرة¡ ولكن صيغة التعميم تسببت بألم وأذى لكثيرين¡ وأنا أحب أن أعتذر منها. أنا آسف¡ آسف حقاً».
العبرة ليست في اعتذار الأستاذ النقيدان¡ وهو محمودٌ بالطبع¡ ولكن في السؤال القضية: لماذا هذا التركيز الإعلامي¡ وتسليط الأضواء على السعوديين فقط في قضايا الإرهاب¡ رغم أن عددهم يعتبر قليلاً للغاية¡ مقارنة بجنسيات أخرى عربية وغير عربية.¿
بعيداً عن «استحمار السعوديين» الصادمة¡ إلا أن الواقع برأيي يؤكد أن هذا مقصود غير مقبول¡ خاصة في ظل التعقيدات الدولية المتربصة بنا نحن بشكل كبير¡ والمرتبطة بأجندات إقليمية تسوِّق اتهاماتها لتشتيت انتباهنا¡ وإشغالنا لجعلنا دائماً في موقع الدفاع عن النفس وتبرير المواقف.. مع عدم إنكار أن بعضنا «طيب» فعلاً للغاية¡ ويسهل التغرير به¡ واستغلال عاطفته الدينية دون وعي¡ وهذا ما يوقعنا في الكثير من المشاكل.!
وهنا يكون علينا¡ وعلى كل مؤسساتنا الرسمية والأهلية بأكملها¡ أن تستنفر قواها¡ وتفكر في طريقة وقائية فعالة وناجعة¡ لاستيعاب شبابنا كي لا يتم التغرير بهم¡ بعيداً عن الخطب الرنانة والشعارات الفارغة¡ وأرى أن من أولوياتها محاولة بناء عقد اجتماعي جديد¡ يقوم على الخدمة المجتمعية الواعية على الأرض¡ والابتعاد عن الأسلوب التقليدي في المواجهة أو المكافحة.. واستغلال أشهر العطلات أو أيام الإجازات في تنفيذ برامج اجتماعية تستفيد من طاقاتنا¡ وعقولنا برقابة حكومية¡ بالتعاون مع المجالس البلدية في المحافظات والمدن¡ ووزارة العمل¡ والهيئة العامة للشباب والرياضة التي أرى أن عليها دوراً آخر لا يقتصر على العمل الرياضي.
بصراحة ووضوح وبكلمة قصيرة ومحددة¡ لا نريد من يتحدث بعد ذلك عن «استحمار السعوديين» ونأمل أن نرى على الأرض كيفية «استثمار السعوديين».. فهل من مجيب.¿
وخزة

.. ليس المهم أن نصفق لتلك الكوادر السعودية التي تكرم خارج الوطن.. المهم أن نسعى «نحن» إلى إضافة تكريم آخر لهم باسم الوطن.




إضغط هنا لقراءة المزيد...