الرؤساء القادمون

منذ يومين فاجأ الرئيس الفرنسي هولاند مواطنيه بأنه لن يتقدم لولاية ثانية¡ بعد أن أمضى أغلب فترة رئاسته بدون تغييرات تذكر¡ معدل العاطلين والنمو الاقتصادي لم يتغيرا¡ بل في آخر تقرير سنوي للرعاية الاجتماعية في فرنسا وضح أن هناك تسعة ملايينº ثلثهم أطفال¡ يعيشون في حالة متواضعة ومنخفضة عن مقاييس الطبقة الوسطى¡ لم يتولّ هولاند في حياته أي منصب سوى عضو برلماني يساري معارض لسياسات اليمين¡ وبعد أن تولى السلطة اكتشف أنه أيضاً لا يستطيع حل نفس المشاكل بعد أن أصبح خيار فرنسا بعد تآكل شعبية ساركوزي مع الأزمة المالية وفضيحة دومنيك ستراوس مع الخادمة¡ تقاعد الموظف وهو في الثانية والستين من العمر ليكمل بعض ما تبقى من عمره بسلام بعد تاريخ سياسي يخلو من أي إنجاز يذكر.
في المقابل نجد ترامب -الذي يكبر هولاند بثماني سنوات- يبدأ حياة جديدة ويدخل مجالاً جديداً وهو رئاسة أكبر بلد في العالم¡ الرجل الذي أثبت للعالم قوة إرادته وإصراره ضد سيل النقد والاستهزاء الإعلامي به¡ وإظهار سلبياته وصوره كرجل شهواني¡ والحقيقة أنه في حياته -كما يروى- لم يذق طعم الكحول أو يستنشق التبغ¡ وصحته في السبعين توضح انضباطه¡ لكنه محب للإعلام والشهرة.
كنت من الغالبية المتأثرة بالنقد ضده¡ لكن لا يمكن أن تتجاهل ملايين الأميركيين الذي صوتوا له وهم الذي رأوا الفرص الوظيفية تطير للأجانب¡ والاستثمارات تخرج¡ والجامعات الراقية غالية قياساً بدخلهم¡ وكذلك الخدمات الطبية¡ صحيح هناك انخفاض في نسبة العاطلين في الولايات المتحدة¡ لكن القوى العاملة تنكمش¡ وكذلك متوسط الدخل للفرد¡ والإصلاح المطلوب هيكلي¡ قارن الأميركيون منطق حكام الولايات وأعضاء الكونغرس المرشحين ضد منطق ترامب¡ فوجدوا منطقهم أكثر هدوءاً وتعقلاً من ترامب¡ لكن ترامب أيضاً هو الوحيد المستعد لأخذ المخاطر لتحقيق أهدافه¡ وهذا ما أكد لجهوره جدية وعوده التنموية.
علاقة المردود والأرباح قياساً بالمخاطر المرتبطة لأي قرار استثماري¡ هي أول ما يدور في ذهن أي مستثمر¡ الأثرياء العصاميون ليسوا مجتهدين فقط¡ ولا يكفي الاجتهاد إن لم يكن مرتبطاً بالثقة بالنفس والتفكير بشكل مختلف لاتخاذ قرار لم يره الكثيرون ويسميه الجبناء (مقامرة)¡ والأميركيون يَرَوْن رجلاً خسر ثروته في خمسينيات عمره واستطاع استعادة الثروة في أقل من عقد فأصبح صورة للأمل والتفاؤل.
الأميركيون الذين صوتوا لترامب¡ والإنجليز الذين صوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي هو أنهم يريدون قيادياً متّخذ قرار نيابة عنهم¡ فليس هناك أسوأ من الفقر وتآكل دخل الفرد وتزايد العاطلين¡ هذا القائد لا يهم من أين تخرّج¡ وكيف يتصرف¡ المهم أن له تاريخاً من التحديات¡ لا أعلم كيف سيكون عهد ترامب¡ لكن اختياره هو تغير كبير في مزاج مرونة الشعوب¡ وقد يظهر ترامب آخر في بريطانيا وثالث في اليابان¡ فأميركا أول من قدم الحاكم الشاب كلينتون في أوائل التسعينيات كظاهرة لحقتها بقية الدول¡ وقد يتكرر الأمر مع ترامب بظهور عهد جديد من رجال الأعمال لإعادة هيكلة الاقتصاديات التي تجمدت..




إضغط هنا لقراءة المزيد...