سايكولوجية الانتخابات

من خلال متابعتي لحملة الانتخابات الرئاسية في أميركا -التي فاز بها المرشح الجمهوري دونالد ترامب- لم أكن متأثرا بالتغطية الإعلامية¡ ولكني حاولت التركيز على ما يقال وكيف يقال ومتى يقال¡ وعلى الخبرة السياسية¡ ولم أكن أتوقع -مثل كثيرين- فوز ترامب.. السيدة هيلاري كلينتون نفذت حملة انتخابية متأرجحة بين الوضوح والغموض¡ تجدها أحيانا تطرح القضايا المهمة وترفض شخصنة الحملة¡ ثم تأتي في وقت آخر لتركز على أقوال ترامب¡ ومواقفه تجاه المرأة¡ وتشن عليه هجمات شخصية تتهمه بالتسرع وعدم وجود خبرة سياسية.. تركيز هيلاري على الخبرة جاء بنتيجة عكسية لأن ترامب استغل خبرتها ليكرر عليها السؤال المزعج: ماذا فعلت خلال خبرتك الطويلة¿
عدم الثبات في خط حملة هيلاري والتذبذب في هوية هذه الحملة.. في المقابل تمسك ترامب بخط واحد وهو مخاطبة الأميركيين بلغة واضحة عفوية شعبية لم تتغير رغم النقد القاسي.
هذا النقد من المشاهير إلى جانب حملة إعلامية قوية ضد المرشح ترامب جاءت بنتائج لصالحه.. مزاج الشعب الأميركي بعد 8 سنوات رمادية كان يبحث عن التغيير.. هذه الحالة النفسية استثمرها ترامب بشكل جيد.
نجاح ترامب يعود إلى تفهم لسايكولوجية الجماهير التي تميل إلى خطاب غير تقليدي¡ خطاب يخرج عن النص.. ومن المعروف أن مخاطبة عاطفة الجماهير بكلمات قوية واضحة لها تأثير قوي في التأثير على كسب الأصوات.. وهذا يفسر تصريحات ترامب التي انتقدها العقلاء والحكماء وتفاعل معها الجمهور العاطفي¡ وهي في النهاية وسيلة للفوز بالانتخابات ولن تتحول في الغالب إلى واقع بعد الفوز بالمنصب.
حاولت هيلاري أن تكون مثالية واتضح أن هذا ليس ما يطلبه الجمهور.. أما ترامب فكسر النظرية التي تقول إن ضعيف الحجة هو من يرفع الصوت ويلجأ إلى الشخصنة.. حملة ترامب كانت قريبة من الشخصنة أكثر من قربها من السياسات والأفكار.. ويرى بعض المختصين في علم النفس أن الخوف من الهزيمة في سباق الانتخابات يؤدي إلى الابتعاد عن الموضوعية في الطرح واللجوء إلى الشخصنة التي تصل أحيانا إلى مستوى الشتائم.. هذا ما فعله الاثنان "هيلاري وترامب" لكن الأخير هو الذي حقق الفوز لأنه وفريق عمله أدركوا أن سايكولوجية الجماهير أصابها الملل من الخطاب السياسي المثالي الذي لا يتفق مع الواقع.




إضغط هنا لقراءة المزيد...