تطوّر المنافي

نقرأ في الأخبار اليومية ونسمع ونرى أخبار المُعارض (بضم الميم) في العالم النامي.. لكننا نسمع القليل عن موضوع معارضته.
وتحبّ بعض الحكومات كرنفالات اللجوء سواء الدولة التي جاء اللاجئ منها أو إليها.
ومادام الأمر كذلك فالأمر هيّن.. هذه الفرقعات الإعلامية التي صارت تأخذ حيزا فسيحا من أعمدة التحليل السياسي¡ وما أكثرها في العالم العربي¡ ترضي بعض الأذواق¡ كما أنها لا تؤذي الأذواق الأخرى.
والمجد الفردي والبطولات الشخصية أصبحت لا تؤذي أحدا مادام هو الهدف النهائي¡ ومادام الأمر لا يتطرّق إلى موضوع المعارضة.
وحينما كان الإنجليز في مصر ولم يكن لدى معارضة الاحتلال أشياء مبرمجة¡ كانوا ينفون الشعراء والمتحدثين إلى منافٍ مترفة فيها من الرفاهية ما فيها (حالة الشاعر البارودي - جزيرة سرنديب) وجاء من الشاعر جزالة شعرية وعذوبة أبيات خلقت منه منبع نماء وخصبا للقصيدة العربية.
ورأينا في الخمسينيات عددا من المعارضين العرب أو المنشقين يُمنحون درجة سفير ويُرسلون إلى أصقاع بعيدة تفصل بينها وبين موطنهم الأصلي بحار ووديان وجبال¡ حتى ولو كان ذلك السفير برتبة رائد في الجيش ويعرف عن الدبابة أكثر مما يعرف عن طريقة ارتداء لبس بدلة السموكن¡ التي تتطلب بعض الحفلات لبسها¡ أو نوع اللباس الذي عليه أن يرتديه عندما يحضر افتتاح حفلة أوبرا. أو يعرف أن هذه الشرفة (في مسرح) مخصصة لمرتدي الملابس الرسمية¡ أو يعلم أن مصطلح (دريس سيركل)
"شيء لا صلة له بـ" محشي الدجاج.. أو بالخياطة.
في الخمسينيات كان المعارض العربي يُبعد لأنه "قْرِقِهْ"¡ أي كثير الحديث.
ومنذ أن بدأتُ فهم الشؤون العامة أو السياسة لم أسمع عن معارض عنده مشروعات أخرى غير "طق الحنَكْ "¡ كذلك لم أسمع عن حكومة حاولت تفهّم موضوع المُنشق وليس المُنشقّ نفسه.
يبقى المعارض خارج وطنه عاجزا عن تغطية ما قد يكون في باله من خطط¡ وسمعنا عمّن يستنبطون المواضيع لخلق الجديد من البطولات الفردية.
وما أطرحه هنا لا يتعدى وجهة نظر¡ ولا أتوقع أن أختلف مع الكثير بأن موضوع المعارضه أهم من المُعارض (بضم الميم).
الصعب في المنابر الحديثة في الوطن العربي أنها فارغة من كل مضمون¡ أو أنها شبه رياضة تمارين نُزاولها يوميا.. وأمراض التجزئة والإقليمية تنتشر عدواها¡ وأظنها تطول أو تتعدى اتفاقية سايكس - بيكو.




إضغط هنا لقراءة المزيد...