ضمير إنساني انتقائي

ما يحدث في حلب تعدى كل الحدود¡ لم تعد النداءات التي تركزت في مجملها على الجانب الإنساني تعطي مردوداً يمكن التعويل عليه¡ فالأبرياء يذبحون¡ والأطفال والنساء تنتهك إنسانيتهم تحت أنظار العالم المتمدن المتحضر المتشدق بحماية حقوق الإنسان¡ ولا نرى سوى إدانات متواصلة ويبقى الوضع على الأرض مستمراً بكل الأشلاء والدماء المتناثرة في شوارع حلب¡ شاهدة على غياب تام للضمير الإنساني الانتقائي.
الأحداث في حلب شاهدة حاضرة على أن الإنسانية تصبح دون قيمة حال تقاطعت معها المصالح¡ فالمصالح هي من يفرض الواقع على الأرض بغض النظر عن أي ممارسات وحشية يغض المجتمع الدولي الطرف عنها ويواربها بإدانات وشجب واستنكار لا تسمن ولا تغني من جوع.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعى إلى مؤتمر يجمع المعارضة بالنظام في أستانة عاصمة قازخستان يكون مكملا لمؤتمرات جنيف التي راوحت مكانها ولم تؤد إلى أي نتيجة تذكر¡ الجديد في هذا المؤتمر المزمع عقده هو تغييب الولايات المتحدة والأمم المتحدة عنه حيث لن يكونا من ضمن الحاضرين رغم مشاركتهما في مؤتمرات جنيف السابقة¡ لن نقفز إلى النتائج ولكن البوادر تشير إلى أن هذا المؤتمر لن يحظى بتوافق دولي والدليل غياب طرفين مهمين ولاعبين رئيسيين في الأزمة السورية عنه مما ينذر بعرقلة الحلول حال تم التوصل إليها كونها لم تتم عبر اتفاق مسبق على الخطوط العريضة كما جرت العادة على أقل تقدير دون الخوض في التفاصيل التي تكون شديدة الدقة في هكذا حالات.
بوتين تحدث عن مفاوضات لوقف النار على مستوى سورية كلها وليس حلب فقط¡ ونعرف أن التفاوض في هكذا أزمات يتم بناؤه على الأوضاع العسكرية على أرض الواقع¡ والأوضاع على الأرض ليست متكافئة أبداً¡ والحالة هذه تعني أن موقف المعارضة لن يكون بذات القوة التي يدخل بها النظام لاختلاف موازين القوى¡ وبالتالي فالمتوقع من هذا المؤتمر حال انعقاده أن يكون عبارة عن إملاءات لن تجد الطريق إلى التنفيذ.




إضغط هنا لقراءة المزيد...