"أنمي" لا بد أن يشاهد

الكثير من الكبار لم ولا يرغب مشاهدة مسلسل "أنمي", لأنه يعتقد أنها مجرد رسوم متحركة للأطفال, بيد أنها ليست كذلك, فرغم أن بعضها موجه لليافعين, إلا أن غالبها يستهدف الراشدين, فلمَ لا تحاول أن تعيش تجربة متابعة شيء مختلف عما يقدم في التلفزيون ¿ وحتماً سوف تدهش من أسلوب طرحها وعرضها.
فإن اقتنعت بفكرة تجربة "الأنمي", فعليك تخيّل المستقبل القريب حيث ينقلب مفهوم العدالة رأساً على عقب, وبالتالي تتغير وسائل تطبيقها, لذا يخضع المجتمع لنظام كشفٍ مبكر للتعرف على مستوى الخطر الذي يمثله أي شخص, بواسطة فحص حالته وتحديد قابلية استعداده لارتكاب جريمة ما, عبر قياس معامل "السايكو-باس", وكلما كان الرقم مرتفعاً أضحت إمكانية القيام بالجريمة أعلى, وعلى إثر ذلك يقوم المفتشون بإخضاع الشخص أو "الهدف" على حد تعبيرهم لمسدسات "الدومبنتور" القادرة على شلّه أو نسفه تماماً, ناهيك عن كلاب الصيد التي تلاحق هؤلاء المجرمين المفترضين. المثير في الأمر أن مطبقي النظام هنا هم مجرمون كامنون بمعدل جريمة مرتفع, لكنهم يمارسون هذا العمل بدلاً من تنفيذ حكم الإعدام بهم أو هروباً من العقوبة الأخرى وهي العيش وراء قضبان المصحّات العقلية.
هذه هي الحبكة الأساسية لمسلسل "الأنمي" الياباني: "سيكو- باس Psycho-pass", الذي يأسرك بأحداثه المتلاحقة والمفاجئة من اللحظة الأولى, ذلك أنه من إبداع الياباني "جين أوروبوتشي" الذي اشتهر بالكثير من الاقتباسات الناجحة للأعمال الأدبية, لذا فإن كنت ترغب متابعة "أنمي" لأول مرة فهذا هو الاختيار المثالي لك, فهو مقتبس من أعمال رواد الخيال العلمي: فيليب ديك, جورج أورويل وجوناثان سويفت في آن واحد, دون أن نغفل عرضه الأولى في قناة فوجي اليابانية, خلال فقرة "نويتامينا" وهي الكلمة المنحوتة من عكس تهجئة الكلمة الإنجليزية "أنيميشن", والمخصص لجذب المشاهد غير المهتم بعوالم الأنمي إليها.
يناقش "سايكو-باس" أخلاقية ملاحقة الإرادة المستقلة للبشر, ومأزق حفظ النظام والأمن في المجتمع من قبل من يحاول الانتقام وامتحان العدالة, فالأجواء مشحونة والعواطف متقلبة, ولا تنس الشخصيات التي تجبرك على التعلّق بها وملاحقة تطورها مع استمرار متابعتك للحلقات. الميزة الأخرى أن هذه السلسلة حوت ما يحتاج أن تستمتع به في أي "أنمي", فالرسم رائع جداً وغني بالألوان المبهرة, رغم البيئة المظلمة التي تتحرك فيها الشخصيات والأحداث.
ومن يدري فقد تقع في غرام "الأنمي" ثم والدتها قصص "المانغا" المصورة, لا يحتاج الأمر سوى أن تؤمن بأن الرسوم المتحركة ليست للأطفال فقط.




إضغط هنا لقراءة المزيد...