-
أولئك اللواتي
في يوم النساء سنخلي البهو من النساء المهندمات الباسقات ,المتسقات مع زخارف المكان , وزركشات السقوف , اللواتي اصطففن ليلتقطن صورة تذكارية , ستبرق فيها مطرزات عباءتهن الثمينة , وعندما تتداولها وسائل الإعلام سيصفق لها أب وزوج وعائلة.
أولئك اللواتي تقف سيارتهن ملاصقة لبوابة العمل , ويحادثن السائق بالإنجليزية ليثبت درجة حرارة مكيف السيارة , ومن ثم سينشغلن بتدارك ماتراكم من رسائل الهواتف الذكية.
ولكن في 8 مارس بدلاً عن النساء المصقولات ºسنغلق نوافذ الإعلام, وسنكمن تحت نافذة الفجر ننتظر تلك التي أطفأت النار تحت قدرها, وأوقدت شعلة روحها , وحملت قدورها ومضت إلى منصتها الخشبية , توزع صحونها درعا ضد دهر تتربص منعطفاته بالأنياب .
وأولئك النساء اللواتي ترقرقن من ضوء الشمس, وانسكبن من لجة المرجان , وقبعن خلف جدار معجونة بجمر الانتظار تترقب عودة صقر يشرئب على حافة الحد الجنوبي , سيعود وفوق هامتة الثريا وفوق كتفه القمر, وفي كفه كرامة وطن.
وتلك التي أوصدت على شبابها قمقما, ورمته داخل السبع بحور, وامتد قفصها الصدري خيمةً فوق صغار مابرحوا يعالجون لثغة الحروف بالأقلام الملونة, بينما هي تعالج أقفال المؤسسات التي ترفض أن تعترف باكتمال مواطنتها, وتبقيها خارج العتبات تتسول أوراقها الرسمية, وتتضور شهادات ابنائها بتوقيع ولي أمر غادرها, بعد أن غادرته المروءة .
وتلك التي شطرت قلبها نصفين, نصف تغطي به صغارها, والنصف الآخر اسكنته أحلامها بكرامة الإرادة وإرادة الكرامة, وحضنت كتبها ودفتر التحضير إلى صدرها, وعندما برقت النجمة الزرقاء في المكان انتكبت الطريق الطويلة والقرى النائية, لأن الطريق القصيرة قد احتلها قطيع الذئاب .
وتلك التي شطرت ثلث كيس نقودها, واسلمتها لسائق كي يفسح لها مكانا في مركبته, فلم تحظ إلا بحيز تخنقها فيه نظرات قطط الشوارع الفضولية, ورائحة ذكر قد طال لبثه محروماً.
نراهن في شرفات الجنادرية, ومهرجانات النساء وقد خضبن الهواء بمشغولات ممهورة بسحر النساء, ومهارتهن , وزهوهن , وحقائب النرجس التي ينثرونها حولهن.
وتلك التي عجنت عطورها بالصندل¡ والمسك¡ وخزامي الأودية¡ وقوارير الشهب, وجعلتها في حناجير سكبت فوقها شموخ عفتها, فطوق أرجها المكان, والأخرى التي مرت على الشراشف بأصابعها فتحولت حبكة السعف إلى حقول نخيل.
جميعهن ومن أجلهن يكون يوم النساء
8 مارس لن تحتكر يوم النساء ... فكل الزمان لهن .
إضغط هنا لقراءة المزيد...