-
يسرى والمعضلة البسيطة
استطاعت التجربة الثقافية¡ في حقل السينما¡ ليس إنضاج موهبتها وتكريس هوية ثقافية متمايزة¡ وإنما جعلها تتخطى متاعبها¡ أولها- الركون إلى فورة الجيل ذي العقد الواحد¡ وثانيا- الوقوع في تصنيف الأدوار الخيرة أو الشريرة.
تكرس حضور يسرى بوصفها ممثلة معترفا بها¡ عندما وضعت في محك اختبار بين قامتين كبيرتين: مديحة يسري¡ وشادية في فيلم "لا تسألني من أنا" 1984¡ ومن نص حوارات هذا الفيلم ما عاش وأعيد تمثله بصورة ساخرة¡ على أنه اعتراف بالمأساوية¡ في قضية البنوة المتناولة في الفيلم إلا أن هذا لا يلغي حضورها التمثيلي تسجله أفلام سابقة مثل "أرزاق يا دنيا" 1982¡ وعملها في سلسلة المخرج يوسف شاهين.
فقد تمكنت يسرى لكونها ممثلة محترفة ومرموقة¡ انطلقت بطولتها المطلقة في "قصر الهواء" 1978¡ أن توائم التناقض حين تجمع الحركات الثقافية وحمولاتها الإيديولوجية كأن تجمع بين سلسلة أفلام عادل إمام¡ بواقع سبعة عشر فيلماً- أولها "أذكياء لكن أغبياء" 1978¡ في تنويعة غير مسبوقة من الأدوار مثل: "الإنس والجن" 1985¡ كما أنه لا يمكن المرور سريعاً على فيلم كرس من وجودها مبكراً "الأفوكاتو" 1985 من كتابة وإخراج الكبير رأفت الميهي¡ و"اللعب مع الكبار" 1991¡ و"الإرهاب والكباب"1992¡ مقابل اختيارها الدائم في أفلام يوسف شاهين حين حظيت بالمشاركة في أول أفلام السيرة الذاتية "حدوتة مصرية" 1982 بعد انسحاب نادية لطفي وسعاد حسني¡ وصارت قاسماً مشتركاً فيها متألقة الدور في فيلم "المهاجر" 1994 وآخر السلسلة السيرية "إسكندرية نيويورك" 2004.
وعلى أنها حظيت بين فترة وأخرى بأفلام أو مسلسلات بطولة مثل: "مرسيدس" 1993¡ و"امرأة آيلة للسقوط" 1994 و"رأفت الهجان" 1987¡ و"قضية رأي عام" 2010 غير أنها لا تتوهج دون حضور مواهب كبيرة تشاركها أفلامها مثل نور الشريف¡ أو محمود عبدالعزيز¡ أو أحمد زكي¡ أو حين أنتجت فيلم "ضحك ولعب وجد وحب" 1993 شاركها الكبير عمر الشريف¡ والمغني عمرو دياب.
ويمكن الانتباه إلى هذا الفارق¡ في فيلمين من ذات القصة في فترة زمنية واحدة¡ وتباينت المواهب¡ وأقصد "رغبة متوحشة" 1992 نادية الجندي¡ ومحمود حميدة¡ وسهير المرشدي مقابل سعاد حسني¡ وأحمد زكي¡ ويسرى في فيلم "الراعي والنساء" 1991.
تميزت يسرى في استيعاب الكثير من الشخصيات متعمقة في أغوارها وهشاشاتها¡ ويبرز مؤخراً منها "دم الغزال" 2005¡ و"عمارة يعقوبيان" 2006¡ ولم تكن الشاشة سوى كريمة معها في كل حضور حتى بدت متجاوزة أزمات الجيل والدور الواحد.
إضغط هنا لقراءة المزيد...