شيء من الحياء

بعض القنوات الفضائية العربية تجافي أحيانا أخلاقيات المهنة الإعلامية¡ فهي تتعمد تشويه الحقائق ونشر الأوهام¡ وتكرس صورا ذهنية في عقول المشاهدين عن الآخرين ليست مطابقة للواقع¡ بل فيها كثير من الكذب والافتراء¡ وبالمقابل فإنها تدافع عن الباطل وتسعى لتحسين صورة بعض الأشخاص وتتعامل معهم بكثير من التمجيد والتطبيل وكأنهم أبطال وهم لا يستحقون.
منذ أشهر اعتقل في عاصمة أوربية مغن عربي مشهور -على صعيد الشباب- بتهمة تعاطي مخدرات واغتصاب فتاة في أحد الفنادق¡ وبعد أن أمضى شهورا في السجن أفرج عنه مؤقتا على أن يبقى في تلك المدينة إلى حين ثبوت براءته¡ وقد سبق أن وجهت لهذا المغني تهمة مشابهة في بلد غربي آخر من سنوات¡ ولم يصدر حكما بشأنه لأنه غادر قبل اعتقاله وصدور أمر بمحاكمته.
ليس الغرض الأساسي من مقالي الحديث عن هذا المغني وسلوكياته¡ فسواء ثبتت التهمة عليه أم لم تثبت لن يغير ذلك من فكرة أن الفن الذي من المفترض أن يحمل رسالة أخلاقية ومعاني راقية تحول إلى عربدة وفسق وإجرام عند فئة من الفنانين اللاهثين وراء الشهرة والنجومية والمال على حساب المبادئ مما لم نعهده من عمالقة الفن الكبار¡ والأدهى عندما يمارسون رذائلهم خارج بلادهم بدل أن يقدموا صورة مشرفة عن أوطانهم.
ليست المشكلة فقط في سلوك هذا الفنان -حسب ما نشر عنه في الصحف والتحقيقات- ولكن في حجم الدعم والتعاطف الذي وجده من نسبة عالية من جمهوره ومتابعيه واستماتتهم في الدفاع عنه¡ وهو أمر تكرر في حالات أخرى مشابهة¡ المشكلة أيضا في بعض القنوات الفضائية التي تمجده وتنفي التهم الموجهة إليه رغم أن الاعتقال جرى في دولة لها قضاؤها المستقل ولم يقل كلمته الأخيرة¡ فهل حقا أن معجبيه لا يبالون بما يسمعون أو يقرأون عنه¿ وهل من المعقول أن يلقى مثل هذا الفنان كل هذا الاهتمام وكأنه عالم أو مخترع أو مناضل¿ هل يعقل أن يكرم غيابيا في برنامج للموسيقى العربية في فترة إخلاء سراحه المشروط ويمنح جائزة الأغنية العربية وأن يوصف بأنه محبوب الجماهير العربية قبل أن تأخذ العدالة مجراها¿ ماذا سيقال عن العرب الذين يحتفون ويكرمون المتهمين بالفحش والاغتصاب¿
متى تتحمل الجهات المشرفة على الإعلام مسؤوليتها وتوقف مثل هذه المهازل والفضائح¿




إضغط هنا لقراءة المزيد...