رحل «شيراك»قبل أن يفي بوعده لي!

http://www.alriyadh.com/media/thumb/...3b62c19def.jpg حين صدر قرار تعييني مندوباً دائماً للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو في العام 1427هـ (2006م) تشرفت بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مكتبه (أميراً للرياض حينذاك)¡ لأعبّر لسموه عن بالغ امتناني لقرار القيادة الكريمة. وبعد أن غمرني - حفظه الله - بكلماته اللطيفة ونصائحه السديدة¡ سألني هل تعرف «فرنسي»¿ أجبته على الفور: لا¡ ولكني سأحاول تعلّمها.
وقبل أن أغادر مكتبه قال لي: الرئيس الفرنسي شيراك سيزور الرياض السبت¡ وسأقيم له مأدبة عشاء مختصرة مساء الأحد¡ تعال احضر قبل ما تسافر لباريس. أجبته أن هذا شرف عظيم لي. عندها رفع -يحفظه الله - سماعة الهاتف المجاور له وقال: أضيفوا اسم زياد الدريس في قائمة المدعوين لعشاء شيراك.
لم تكن الصداقة الشخصية العميقة بين الملك سلمان (أمير الرياض السابق) والرئيس شيراك (عمدة باريس السابق) هي التمثّل الوحيد لتلك العلاقة الودية¡ بل وأيضاً على تاريخ ذلك الفرنسي الديغولي العملاق ومواقفه العديدة في تعزيز مصالح فرنسا¡ مع المملكة خصوصاً¡ وانحيازه مع القرارات العربية في المحافل الدولية.
حضرت العشاء يوم الأحد 4 صفر 1427هـ الموافق 5 مارس 2006م¡ وعندما اقتربت للسلام على الضيف الكبير كان الملك/ الأمير مشغولاً بالحديث مع مندوب المراسم بجواره¡ صافحت الرئيس شيراك ثم مضيت متجهاً إلى مقعدي¡ لكني بعد خطوات قليلة فوجئت بأن (الأمير) يطلب مني العودة إليهما¡ عدت فالتفت (الأمير) على الرئيس وقال له (بلغة عفوية تنم عن عمق الصداقة بينهما):
هذا سفيرنا الجديد في منظمة اليونسكو¡ اهتم به من كل النواحي¡ وأول شيء نبغاك تعلّمه لغة فرنسية.
ردّ عليه الرئيس شيراك: بكل سرور يا سمو الأمير¡ لكن كما تعرفون فإن تعلّم لغة جديدة له طرق عديدة (!) فأيّ الطرق تريدني أن أستعملها معه¿
أجابه (الأمير) بابتسامة: استعمل الطريقة التي تراها أنسب¡ المهم يتعلم!
عدت إلى البيت تلك الليلة ووجدت زوجتي تجهز أغراض السفر إلى باريس. سألتني: كيف كان حفل العشاء¿
ممتازاً.
قال لك شيئاً الرئيس الفرنسي¿
لا¡ كيف يقول لي شيئاً وأنا ما أعرف فرنسي.
ونمت تلك الليلة وأنا أحلم بأني في أحضان (معهد تعليم لغة فرنسية)!

---

ذهبت إلى فرنسا¡ وانهمكت في العمل بمنظمة اليونسكو¡ لدرجة أني نسيت الوعد الشيراكي¡ كما أن الرئيس (الراحل) شيراك كان منشغلاً بسنته الرئاسية الأخيرة¡ وبتردده في الترشح لولاية ثالثة¡ حتى جاء يوم 11 مارس 2007 فأعلن شيراك للشعب الفرنسي عزمه عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة.
حزنت كثيراً لقرار الراحل العزيز شيراك¡ ولم أدر سبب حزني الحقيقيº هل لأنه الرئيس الذي أحببناه¡ صديق العرب وحليف المملكة المقرّب¡ أم لأن المرشح البديل من حزبه هو الرئيس السابق ساركوزي (المعاكس تماماً لشيراك في العلاقة واللباقة)¡ أم لأن «اتفاق الرياض» حول تعلّمي اللغة الفرنسية سيصبح مهدداً¿!
وبسببٍ من ذلك الارتباك البرنامجي¡ فإن لغتي الفرنسية ما زالت بحاجة إلى «مساعدة»!
—————————
سقتُ هذه الحكاية مشافهة في كلمتي أمام الحفل الكبير الذي أقيم على شرف الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - عند زيارته لمنظمة اليونسكو العام 2014م¡ وأكتبها اليوم لأول مرة مقرونة بخبر رحيل الرئيس الفرنسي جاك شيراك قبل البارحة.
http://www.qatarat.com/media/thumb/7...5cadd55d66.jpgزياد الدريس




http://www.alriyadh.com/1779186]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]