أسوأ حل للعنصرية

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تمر أميركا الآن بمرحلة غريبة، وهي ما تسمى حركة "woke"، كلمة تعني نوعا من الهياج عند شريحة كبيرة من الناس غالبا من البيض يسعون لتصحيح المجتمع - حسب ظنهم - بأشد الطرق حقدا وحنقا وشراسة، فإذا مثلا رأوا شخصا أبيض البشرة يستخدم لباس الأميركان السود ثاروا واستنكروا ذلك، رغم أن السود والمكسيكيين والهنود الحمر.. إلخ لا يكترثون أو يمانعون، لكن هؤلاء يدّعون أن هذا تعدٍّ على ثقافة ما يسمى لدى الغربيين بالأقليات، وأنه "امتصاص" لها، ويطالبون بفصل وتأديب كل فنان أو أديب أو شهير لا يمتثل لمعاييرهم، ولهم شطحات جنونية أخرى، منها ما قرأته من بعضهم أنهم لا يبصرون اللون، فكل الناس سواسية، وإذا رأوا شخصا له بشرة مختلفة فهم يدّعون أنهم ضريرو الألوان، يرون الإنسان ولا يرون لونه، إذا رأوك مع مجموعة من البيض وأرادوا وصفك فلن يقولوا: نعم، هناك رجل أسمر أو أسود أو آسيوي أو عربي المظهر.. إلخ، ويتحاشون ذكر هذا بكل طريقة ممكنة!
وهذا التعامي من أسوأ الطرق للتعامل مع العنصرية، أي إنكار وجود اللون والأعراق، فهي أولا: تنفي جزءا معلوما من الواقع بالضرورة، ففيها كذب على النفس، لأن العين تبصر اللون وإن كذب العقل وجوده، وثانيا: هذا يصنع مشكلات أخرى، فنفس الشريحة تتعاطف مع الأميركان السود بسبب العنصرية الفظيعة التي ما يزالون يعانون منها، هناك تحيّز ضدهم صريح وخفي، ومن التحيزات الخفية صعوبة العثور على وظائف، وكثرة الأحكام القضائية المغلظة عليهم وإن كانت الجرائم صغيرة، فعندما يتعامى العقل عن اللون كسبب لهذا التمييز فإنه يصل إلى استنتاج آخر مجحف، وهو أن المشكلات التي يمر بها هؤلاء ليست بسبب لونهم بل لأن المشكلة فيهم وفي جوهرهم، ربما في أخلاقياتهم، أو التزامهم، أو كفاءتهم.
التعامي غير العقلاني هذا تعدى اللون ووصل إلى الجنس، فنعلم أن الإنسان جنسان ذكر وأنثى، لكن بعض هؤلاء يعتقدون أن الذكر والأنثى متساويان تماما في كل شيء حتى من الناحية البيولوجية!
كلما تأملتُ بعض الشعوب التي وصلت إلى درجات عالية من العلم والتقنية أستغرب أن تظهر فيها مثل هذه الاعتقادات والخرافات!




http://www.alriyadh.com/1876288]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]