أين اختفى الإنسان؟

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تتصل هاتفيا –على حسابك– بجهة معينة، يرد عليك جهاز تسجيل يدخلك في متاهة، ويحولك إلى أرقام لا تجيب. ماذا تفعل، هل تتواصل عبر البريد الإلكتروني، لكنك جربت هذه الوسيلة ولم تتلق إجابة، هل تستخدم البريد الممتاز؟ جربت هذه الوسيلة أيضا ولم يرد عليك أحد.
في بعض المنشآت حتى الرد البشري على الاتصال الهاتفي أصبح يشبه الرد الآلي المسجل، يتحدث معك الموظف وكأنه يحفظ مادة سوف يختبر فيها. لم يكن من أهداف التقنية الإدارية العزلة والعمل عن بعد وتقليص الاتصالات الإنسانية. تطوير الخدمات واختصار الإجراءات يفترض أن توفر وقتا أكثر للقاءات المباشرة والتواصل الإنساني مع المجتمع. يقال لك لا تتصل، اذهب إلى الموقع الإلكتروني، وراجع التطبيقات. أين اختفى الإنسان؟ حتى في الاجتماعات العائلية، واجتماعات الأصدقاء تشعر أن من يتحدث معك آلة وليس إنسانا. ماذا سيحدث في المستقبل؟
التباعد بسبب التقنية لم يكن كافيا فجاء كورونا كأنما أراد تذكيرنا بنعمة التقارب الإنساني، لكن الإنسان يتمادى في إحالة نفسه إلى التقاعد المبكر وتحويله إلى متفرج مخدوم مدلل يستريح على الكنبة ويعيش في عالم آخر محصور في جهاز صغير. يركب سيارة بقيادة ذاتية، يتسوق وهو يشرب القهوة في بيته، تطرق بابه البنوك والمطاعم والمتاجر، يفتح الروبوت لها الباب لأن الإنسان مشغول بمشاهدة برنامج صحي عن أهمية الحركة والمشي والرياضة.
اشتقت للحديث مع الناس في صالات الانتظار، في القطار، في الحافلة، في الطائرة. اشتقت للدخول للمسؤول دون أن يسألني السكرتير عن سبب الزيارة. كنا في الماضي نصل إلى السكرتير، الآن لا نستطيع تجاوز البوابة الخارجية.
اشتقت لأحاديث العائلة، هيا إلى المطعم لنتعرف على بعض. لا بد من الحجز. كم عددكم؟ أربعة، الحجز باسم من؟ مع الأسف، المطعم محجوز بالكامل لعائلة الجوال!
هل هو اليوم العالمي للجوال؟ لا، هي الأيام العالمية للجوال!




http://www.alriyadh.com/1913658]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]