عن الحب

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png أتذكر أني قبل عشرين عاماً سألت مجموعة من أصدقائي المثقفين: ترى هل لو لم نقرأ عن الحب، لو لم نعرفه من خلال أشعار المجنون وعنترة وكثير عزة وجميل بثينة، لو لم نحيا ونموت مع جين اير ومستر دارسي وكل قصص الحب التي تمتلئ بها الروايات العربية قديماً وحديثاً، هل كنا سنحب بنفس الطريقة التي نحب بها؟ هل كنا سنعرف أن ما نشعر به هو الحب؟ وهل كنا سنتصرف إزاءه بنفس الطريقة التي نتصرف بها الآن؟
لا يزال الأمر يحيرني برغم مرور السنين، وأنا أزداد حيرةً وشكاً في كل الأمور، يغادرني اليقين والحسم الذي كان لدي في كل شيء تقريباً، تغادرني النظرة الأحادية الحادة وتغادرني القدرة على إطلاق حكم نهائي على مسائل كثيرة. لذلك أعود للسؤال: هل عرفنا الحب لأنه غريزة ومطلب وشعور طبيعي يعرفه الإنسان ويستلذ به ويتألم منه ويتعذب، ويعود ليبحث عنه ويعرف أنه شعور لا وصف له، مهما استعان بكل قصائد الحب التي يعرف، أم أنه مسألة مبالغ في أهميتها وليست حقيقية إنما هي قائمة على مبالغات كتاب وشعراء هذه وظيفتهم في الحياة؟ لا أعرف.. ربما لو لم أقرأ في حياتي شيئاً عن الحب كنت استطعت أن أجيب.. لكن لم يعد لدي هذا الخيار.
بعد عشرين عاماً من الحيرة وتردد السؤال في خاطري، وجدت أن المسألة أصبحت مطروحة في أكثر من مكان، وأكثر من شخص يردد أن الحب ليس ضرورياً ولا مهماً ولا تقوم الحياة عليه، وهذا صحيح، وبينما يعتقد الناس أن الشباب يلهثون وراء الحب ويترددون في الزواج لأنهم لا يجدونه، أنا أعتقد أن الشباب أصبح يرى أن الحب مجرد مرحلة يعيشونها ثم يبحثون عن امرأة للزواج، والمرأة كذلك حتى لا يظن الناس أنني أكتب ضد الرجل.
يجرني ذلك لسؤال آخر معاكس تماماً لسؤالي الأول: هل لأن تأثير الأدب في حياتنا أصبح أقل، أصبحنا نحكم على الحب بهذا المنظار؟ هل صار تسلية لأننا حولناه في سيناريوهات المسلسلات إلى تسلية، أو كتبنا عن مشكلاته وكوارثه أكثر مما كتبنا عن حلاوته وقيمته فأصبح منبوذاً غريباً، وبدلا من أن نبحث عنه أصبحنا ننفر منه، أو نلعب به حين نصادفه كيلا يجرنا إلى الكوارث التي قرأنا ونقرأ عنها بسببه؟
هل كنا جيلاً رومانسياً لأن قصص الحب كانت عظيمة؟ وهل فقد شبابنا الإيمان بالحب لأنهم توقفوا عن قراءة الحب العظيم؟ هل يوجد شيء اسمه حب، أم هي تهويمات كتّاب انخدعنا بها؟ كل الإجابات صحيحة، حسب تجربة كل شخص.




http://www.alriyadh.com/1925559]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]