حين يكتب الشاعر رواية

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png عندي غيرة من الشعراء.. منذ صغري وأنا يشدني الشعر، أول كتاب اخترت أن أشتريه في حياتي كان ديوان شعر، أصرح دائمًا أن الشعراء لديهم في مركز اللغة في أدمغتهم شيء مختلف ليس موجودًا عند بقية الخلق. أنا مؤمنة بهذا الشيء، ربما العلماء ليسوا مهتمين بما فيه الكفاية كي يثبتوا ذلك لكنني أعتقد أنها ليست مسألة مكتسبة. هي تولد معهم. لذلك حين أقرأ رواية كتبها شاعر أعرف أنها ستكون مختلفة ولا أعاملها معاملة رواية عادية، الشاعر يهيم بالرواية كما تهيم روحه، يغوص في اللغة، في الألفاظ، في الصور وينسى الحكاية، لا ينساها تماماً لكنها ليست غايته، غايته أن يوصل لك في كل فصل يكتبه شعور البطل، أفكاره، معاناته وهذا بالطبع غاية كل كاتب رواية، لكن في حالة الشاعر يكون ذلك بطريقة أقرب إلى السوريالية ربما.
لا أعرف كيف أفسر ما أريد قوله؛ وأتمنى أن تكونوا قد فهمتوني، وأعتقد أن الشعراء منكم قد فعلوا.. دفعني لقول ما قلت أنني قرأت مؤخراً رواية "الشاعر والقرصان" لحمزة كاشغري.. "يا ترى من الشخص الذي أكرره أنا الآن إلى الأبد" يسأل كاشغري هذا السؤال في الرواية، ربما يكرر الشعراء طريقتهم في كتابة الرواية الآن وإلى الأبد؟
في "الشاعر والقرصان" الشخصيات موجودة، قط وشاعر وأخت وحبيبة لم تعد حبيبة وأثير، وآخرون نسيتهم الآن لكنهم موجودون، يدورون كلهم في فلك الشاعر ويكتبهم كما يشعر بهم، بخياله أو ضمن معاناته اليومية، لذلك الأحداث التي قد تكون في رواية أخرى شيئًا مهما يمكن التركيز عليه بطريقة جادة تغدو مسألة ليست هامشية لكنها تأخذ من حيز الشاعر ما يقدر عليه، ما تعرضت له الأخت من عنف مر بسرعة وانتهى تماماً بمجرد أن رأى الشاعر أخته واطمأن إلى ابتسامتها المشرقة، هذه طريقة الشاعر في مواجهة الأمور في الرواية، بروح الشاعر وليس بأهمية الموضوع.. "أين تذهب الكلمات التي لا تقال" يكرر حمزة السؤال مراراً. أين تذهب الكلمات التي لا تقال، وروايته محاولة لأن يخرج الكلمات التي لا تقال من صدره لأنه يرعبه أن تتحول الكلمات التي لا تقال إلى غابة من أشياء لا يستطيع احتمالها، من الأمور التي لفتتني في طريقة حمزة للإحالات التي يضعها لكتاب وشخصيات روايات ومقولات أنه يضعها بسلاسة شديدة وبطريقة غير مزعجة أبداً، طريقة لا تخل بانسياب الكلام، ربما تدفعك للبحث عنها، وشكراً "غوغل" لسهولة البحث، ولكنها لا تشعرك بأن الكاتب يستعرض معرفته أو يتكئ على كتابة أخرى إنما هي طريقته في التفكير وتداعي الكلمات في مخيلته.. باختصار، كانت رواية ممتعة.




http://www.alriyadh.com/1939438]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]