المخوزِق

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يبدو العنوان مرعباً ومثيراً للنفور، لكن كما يعرف الكثيرون هو عنوان رواية للكاتب أشرف فقيه، وقبل ذلك هو لقب للشخصية المثيرة للرعب والنفور أيضاً فلاد الثالث، أو دراكولا. ابن التنين، أو ابن الشيطان.
قبل قراءتي للرواية لم أكن على علم بأن دراكولا يحمل كل هذا التاريخ الملتصق بالشر، كنت أظنه شخصية فانتازية صنعته هوليود. لم أكن مهتمة بمعرفة أصل الحكاية، لكن رواية أشرف فقيه بلغتها المحكمة والرشيقة والجذابة، جعلتني أقرأها بشغف واهتمام، ولم يعد مهما عندي إذا كانت الرواية حقيقية أم مجرد خيال.
كانت دائمًا المشكلة التي تتضخم في عقلي أثناء قراءة الرواية التاريخية هي السؤال إلى أي مدى استطاع الكاتب أن يبحث في التاريخ وينقل لي صورة عن ما يكتب عنه، مع رواية المخوزق، لم يحدث لي ذلك، لم أشعر أنه كان يكتب لينقل لي التاريخ كما حدث، أشرف فقيه كتب الرواية التاريخية بحسه المعاصر، كتبها ليسقط عليها نظرته للحياة، للسلطة، للعنف، للمرأة، للنزاع الأبدي بين الخير والشر ليس فقط بين الشخصيات الخيرة والشريرة بل النزاع بينهما داخل الشخص نفسه. ربما لكل هذه الأسباب، شدتني الرواية إلى أبعد حد، وشخصية بطل الرواية الخيالية الذي أدرك في لحظة ما بأنه لا أحد، كانت بدون زعيق أو إعلان تبعث التساؤلات في قلب وعقل القارئ، هو الضعيف البنية الذي لا يعرف فنون القتال، لكنه العنيد في البحث عن الحقيقة وعدم الإيمان بأي شيء بدون دليل أو خارج عن المنطق. أورهان إفندي الذي يكاد يقدس الخليفة العثماني، لكنه يتساءل، ألم يكن المخوزق صنيعة العثماني بصلفه وإذلاله لوالده وله بأخذه رهينة وهو ابن حاكم.
في تصويره لشخصية شيلا تتجلى لنا المرأة القوية، الغاوية، القادرة على التحكم بكل شيء، بشر وحيوانات، وهذا التوجس الدائم من البطل تجاهها، كانت برأيي تعبيراً عن نظرة الرجل في عصرنا الحالي تجاه امرأة من هذا النوع، والنهاية، نهايتها الفظيعة ربما كانت تعبيرًا أيضًا عن إيمان الرجل أن هذه القوة لابد أن تكون نهايتها الحتمية هي هذه النهاية.
والإنسان عند فقيه هو الشر الخالص إذا أراد، حين يستسلم للشهوة، وحين يتغطرس على مملوك مخصي، وحين تغدو السلطة مبرراً لكل أنواع الشرور.
المخوزق، رواية تاريخية تحمل كل هموم الإنسان المعاصر وتساؤلاته. كتبها أشرف فقيه في 2012، قرأتها في 2023. كم أنا سعيدة لأني قرأتها وتعرفت من خلالها على روائي مهم لم أكن قد قرأته من قبل. وكم نحن بحاجة إلى أن نعرفنا.




http://www.alriyadh.com/1997867]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]