حملات التفتيش الإلكتروني أولاً
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png على الجهات المسؤولة ضبط العلاقة بين مسوق السلعة والتاجر، وتغليظ العقوبات والغرامات الحالية، والتأكد من تطبيق أحكام النظام على المتــــاجر الإلكترونية من خارج المملكة، وإلزامها بممثل موجود في المملكــــة أو بحجب موقع البيع الإلكتروني، ولا يمكن التعويل على الآخرين في الإبلاغ..
التجارة الإلكترونية في المملكة سجلت نمواً مهماً في الربع الأول من العام الجاري، وبنسبة تجاوزت 32 % مقــــارنة بأرقـــــام 2022، والمتــوقع أن يصل حجم ســـوقها المحلي في 2025 لقرابة 15 مليار دولار، وسترتفع مبيعاتها بنسبة 60 %، ولعل المشكلة الأكبر في هذه السوق تبدو في التحايل المالي والمتاجر الوهمية، ويصبح الأمر أكثر إشكالاً وأهمية بعد مراجعة إحصاءات 2021 الرسمية، والتي تشير إلى وجود نحو 14 مليون متسوق إلكتروني في الأراضي السعودية، ومعدل إنفاقهم السنوي على الإنترنت لا يقل عن 1000 دولار لكل شخص، وباعتراف وزارة التجارة نفسها، فالمخالفات المسجلة على المتاجر الإلكترونية المرخصة تراوحت ما بين عدم صحة الإعلان المقدم للمستهلكين، والتأخــر في تسلــيم المنتج، ومعهما التباطؤ في إرجاع المبلغ المتبقي إلى البطاقات الائتمانية، واختلاف السلعة المطلوبة عن الواصلة إلى المستهلك، وما دام المرخصون يفعلون ذلك فما يقوم به المخالفون لا يمكن تصوره.
لا أحد ينكر أن معظم منصات السوشال ميديا وفي مقدمتها الإنستغرام تمثل التهديد الأول والأخطر لمتسوقي الإنتــرنت، وفيها تكثــــــر عمليات الغش والتحايل، وبالأخص في الملبــوسات والحقائب والأحذية، وربما رفعت أسعارها عمداً، أو تم إيهام المتسوق بأن كمياتها محدودة (ليمتد إيديشن)، لتحريضه على الدفع وتحويل المبلغ إلى حساب شخصي لا تجاري، ويجوز أن عصابات التجارة الوهمية تراقب استطلاعات الرأي وتعمل وفق نتائجها.
فقد أظهر استطلاع (بي سي دبليو) لآراء الشباب العربي في عام 2022 أن 89 % من بينهم يتسوقون عن طريق الإنترنت، وأنهم يفضلون الطعام في مشترياتهم بنسبة 48 %، فالملابس بنسبة 42 %، ومن ثم منتجات البقالة بنسبة 27 %، والأجهزة الإلكترونية بنسبة 20 %، ولخص العوامل المؤثرة في قرارات الشراء بالجودة والخصومات والتوصيل المجاني، والأركان الثلاثة تعتبر بمثــــابة ساحة يتلاعب بها المتحايلون والغشاشون، لإنجاز صفقاتهم بالكذب والخداع، ولدرجة انتحال أسماء علامات تجارية معروفة بجودتها، وتقديم أنفسهم باعتبارهم وكلاءها أو متحدثين بالنيابة عنها، أو تقديم خصومات ومجانية توصيل غير موجودة، أو بعد رفع السعر الأصلي واقتطاع الخصم والتوصيل المجاني من الزيادة.
توجد أربعة تشريعات تضبط ممارسات التجارة الإلكترونية، وتشمل أنظمة الغش التجاري ومكافحة الجرائم المعلوماتية والتجارة الإلكترونية والمرئي والمسموع، وقد يتداخل معهم نظام حماية حقوق الملكية الفكرية في حالة تقليد العلامة التجارية، والـــدولة تدعم تحول المتاجر التقليدية إلى إلكترونية، وتعمل على تعزيز منظومة هذا النوع من التجارة، وقـــد أدخلته ضمن مستهدفات رؤية 2030، لأهميته في تحــريك عجلة الاقتصـــاد الوطني، وذلك عن طريق مجلس التجارة الإلكترونية الذي أسس في 2018، وهو برئاسة وزارة التجارة، ويشترك في عضويته 16 جهازاً حكومياً، إضافة إلى ثلاثة جهات تمثل القطاع الخاص، والمجلس مسؤول عن اقتراح السياسات والتشريعات المنظمة للمتاجرة الرقمية، وأيضاً الرقــــابة عليهــــا ومتـــابعتها، وقد صدر عنه في أواخر 2019 نظـام التجارة الإلكترونية، والأخير جاء بمنصة معروف لتوثيق وترخيص المتـــاجر الإلكترونية قبـــــل استبدالها بمنصة الأعمال في إبريل 2023، وبشرط ربط المتجر بالحساب البنكي، وبالتالي لا بد من التسجيل مجدداً فيها.
قامت شركة أميركية للأجهزة الإلكترونية، في فترة ماضية، بدعوة مجموعـــــة من مؤثري السوشال ميديا، وطلبت منهم أن يمجدوا في منتجها الجديد، والعجيب أنهم قاموا بأدوارهم وهم لم يجربوه، وطالبوا متابعيهم بتجــــربته مؤكدين أنه في غاية الروعة، وكانت النتيجــــة أن تجربة الاستخدام جاءت مخيبة للآمال، ولهذا السبب فقد غرمت الشركة الشهيرة بما قيمته 60 مليون دولار كتعويض للمستهلكين، وما سبق يفرض على الجهات المسؤولة ضبط العلاقة بين مسوق السلعة والتاجر، وتغليظ العقوبات والغرامات الحالية، والتأكد من تطبيق أحكام النظام على المتــــاجر الإلكترونية من خارج المملكة، وإلزامها بممثل موجود في المملكــــة أو بحجب موقع البيع الإلكتروني، ولا يمكن التعويل على الآخرين في الإبلاغ.
المسألة تحتاج إلى حملات تفتيش إلكتروني على المحلات النشطة والمشبوهة، وعلى أصحاب العلامات التجارية، وبما يفيد التثبت من أنهم يمثلون بالفعل الماركات التي يعرضونها ويتاجرون بها، وهؤلاء يمكن تقييم موثوقيتهم عن طريق الاستعانة بمواقع من نوع (ترست بايلوت)، ووزارة التجارة السعودية لديها الحق في السحب الفوري للإعلان المخالف، وإيقاع العقوبات على المعلن أو المسوق بالكلمة أو الصورة والتاجر معاً، وبما يحيد من السلوكيات التي تمارس تضليلاً فاضحاً على المستهلك، وبالأخص خفض الأسعار والقبول بالخسارة المؤقتة لاحتكار سوق سلع معينة على الإنترنت، خصوصاً أن حجم التجارة الإلكترونية حول العالم وبحسب أرقام الأمم المتحدة وصل إلى 26 ترليــــوناً وسبعمائة مليار دولار في كل عام، ومازالت تجارة التجزئة الإلكترونية في المملكة في حدود 4 % من الإجمالي المباع، بينما تستحوذ مبيعات الإنترنت على 20 % من ذات القطاع في بريطانيا، وعلى 16 % في أميركا، ما يعني أن إمكانية الضبط والتحكم مازالت في يد المشرع السعودي.
http://www.alriyadh.com/2015694]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]