-
المدير الذي يربي الأفاعي
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في فترة من حياتي المهنية قبل سنوات طويلة، كان لدي مرؤوس ذكي ومتحمس وطموح، كنت أحرص دوماً على تمكينه ودعمه وإبراز نجاحاته وقدراته أمام الإدارة العليا، لاحظت بعد مدة من الزمن أن هذا الشخص بدأ يتغير قليلاً في سلوكياته وتعامله، وكثيراً ما أسمع عند الجلوس مع معارف مشتركين أحاديثاً متكررة عن أكل الجهود وعدم التقدير من المديرين، تبين لي للأسف أن ذلك المرؤوس -الذي كان يتبسم لي أمام وجهي- يضمر مشاعر مختلفة تماماً من وراء ظهري دون مبرر واضح سوى أنه كان يرغب في إزاحتي بعد أن أصابه نوع من جنون العظمة، وكانت نهاية ذلك المرؤوس بالفصل بعد أن قام برفع شكوى كيدية تبين كذبها وبطلانها.
هذه الحادثة ذكرتني بقصة المرأة التي وجدت ثعباناً صغيراً جائعاً فأشفقت عليه وقررت أن تنقذه وتربيه، وأخذته إلى بيتها وراحت تطعمه وتعتني به كأن لو كان ابناً لها ترعاه ويعيش معها ويلاحقها داخل المنزل حتى ينام بجانبها على الفراش في نهاية اليوم، ومضت السنوات والثعبان يكبر ويكبر.. وفي أحد الأيام صدمت المرأة لأن الثعبان توقف عن الأكل دون سبب واضح، ورغم كل جهود المرأة لإطعام ذلك الثعبان، إلا أنه كان يرفض الأكل تماماً، وكان الثعبان يتبع المرأة داخل المنزل في النهار وينام بجوارها في الفراش ليلاً ويلتف حول جسدها وهي نائمة بحثاً عن الدفء والحنان كما كانت تعتقد المرأة.
ورغم مرور أيام طويلة فقد كان الثعبان يمتنع عن الأكل، مما دعا المرأة التي خافت عليه من المرض إلى أن تصطحبه إلى الطبيب البيطري بحثاً عن العلاج، وبعد أن قام الطبيب بفحص الثعبان التفت إلى المرأة ليسألها هل لاحظت أي اختلاف في سلوك الثعبان مؤخراً؟ فأجابت: "لا!"، سألها الطبيب: "هل ما يزال ينام بجوارك في الفراش ليلاً؟"، فأجابت: "نعم".
فسأل الطبيب: "هل لاحظت أنه يلتف حول جسدك مؤخراً؟"، فأجابت المرأة باستغراب: "نعم!، هذا صحيح، كيف عرفت ذلك؟".
تنهد الطبيب وقال للمرأة في هدوء: "يا سيدتي الفاضلة.. هذا الثعبان لا يعاني من أي أمراض، بل هو يستعد لكي يلتهمك! إنه يجوع نفسه ليتمكن من أكلك، ويلتف حولك ليس حباً فيك، بل ليتأكد من أن حجم معدته سيكون كافياً لوجبة ضخمة بحجمك!"، ثم أضاف: "عليك أن تنتبهي وتتخلصي من هذا الثعبان الغادر حالاً!"، ولا شك أن الكثير من بيئات العمل ابتليت بأفاعي وثعابين من الرؤساء والمرؤوسين الذين تجمعهم خصال الخبث والغدر والجبن عن المواجهة والذين لا يتورعون أبداً عن تسميم وقتل كل من يهدد مصالحهم ويعارض أفكارهم.. ولكن، لا ينبغي للمدير أن يسيء الظن بمن حوله، فليس الكل ثعابين، ومنهم الصادق والقوي والأمين. ولكن ينبغي أن يكون المدير حذراً متيقناً وقادراً على أن يحمي المنظومة والموظفين من كل ثعبان غادر..
وختاماً، نصيحتي لكي مدير، لا تربي الثعابين، وإذا وجدت ثعباناً فتخلص منه بأقصى سرعة وبلا تردد!
http://www.alriyadh.com/2019168]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]