ما بين وقت ووقت قريب منه يحلو لورثة (الخُمَيْنِيَّةِ الْفُرْس) أن يمثلوا أدوار أبطال الأفلام الكرتونية الذين يقومون باستعراض عضلاتهم الورقية بشكل عجائبي يتلاءم مع الْمُنْتَجِ الذي خُصص للأطفال بغية التسلية¡ بحيث فيه القزم أقوى من العملاق لكي يكون الانتصار من نصيبه في حركة تؤدي ضحك الأطفال وهو الهدف¡ فإيران تمثل هذا الدور بغباء¡ فما أن تحس بأن الداخل بدأ (يَتَمَلْمَلُ) ويستنكر التصرفات التي يرتكبها الملالي حتى تعمد جاهدة إلى محاولة تحويل الانتباه من الداخل إلى الخارج¡ لتوهم بأنها في شغل مهم مع الخارج من شأنه أن يجلب للداخل الكثير من العطاء الذي سيسهل عيش المواطن المقهور والمقموع بتصرفات الملالي ومن يحرسهم بما يفيئون عليهم من الغدق المالي لكي يعملوا من أجلهم ما يريدون¡ فيفتكون بمن يتحرك في الداخل¡ ويساهمون في هلاك وتدمير الدول التي يوفدونهم إليها تعاونا لإحلال التشرذم والتفرقة.
الشق الأول من المسرحية تحدده التجارب الصاروخية التي صارت معروفة وما الهدف منها¡ وقد عرف الإنسان الإيراني الذي يعاني الشح والعوز والقمع مغزاها¡ وهو صرف انتباهه عما يحصده الملالي وأزلامهم وما يتمتعون به من رغد العيش وحماية من (حرسهم الثوري) كما أسموه¡ وفي الحقيقة هو عدو الإنسان الإيراني في الداخل¡ وعدو الجار القريب والبعيد لكي يبقى على صورته التي رسمها بمعاونة الإعلام الْمُمَوَّن والمسْتأجر¡ ووجد من المرتزقة في هذا المجال مراده¡ كما وجد بالمال بغيته من المرتزقة والخونة لأوطانهم ما يسانده في إيذاء دولهم وأمتهم¡ وفي هذه الحالة تستمر إيران في بث الشعارات¡ ونشر الشائعات وترويجها عن انتصاراتها العالمية التي توهمها بأنها ستكون من الدول التي تساهم في حلول مشاكل المنطقة إلى جانب الدول المعنية بإيجاد المخارج والتسويات¡ فتعلقت بروسيا التي أُبْعدَتْ سنوات عديدة عند المنطقة¡ وسَهَّلت أمر دخولها إلى سورية كما زودتها بالجنود والمرتزقة¡ وأضافت إليهم من ترى أنهم يتذمرون في الداخل ودفعت بهم للتخلص منهم¡ وقد لاقى الكثيرون منهم مصيرهم الحتمي على أيدي الأحرار من أبناء سورية الذين يواجهون دولة كبرى¡ وقد اعترفت مؤخراً روسيا بصعوبة المهمة في مواجهتهم¡ فادَّعَتْ أنها تحارب الإرهابيين وأنها ستفتح نافذة للحوار مع الأحرار المنادين والمصرين على تغيير النظام.
إيران تدرك هذا ولكنها تتجاهل أن مصير تحركاتها هو الفشل الذريع¡ وأن ما كان يصوره مفاوضوها في قضية (الاتفاق النووي) وما توصلوا إليه من مكاسب معنوية ومادية جاءت بفضل صلابة الموقف الإيراني¡ فالظاهر شيء والمخفي شيء آخر يعرفه الموقعون¡ فهي التي طلبت لكونها عرفت العواقب¡ وأحست بالنتائج¡ وهي اليوم تعاني وتكابر¡ فالرئيس الأميركي الجديد يهدد ويحدد ويرسم خارطة طريق¡ ولن يكون مثل سابقه الذي كان يُصَرِّحُ اليوم ثم في اليوم الثاني يعود متجاهلاً ما كان قد صرح به بالأمس¡ ويحرك بوارجه¡ ومدمراته¡ وحاملات الطائرات¡ فَيُهَيِّجَ الإعلام وتحتبس الأنفاس¡ ثم يكون الأمر مثل لعبة محبوكة¡ فأميركا التي في عهد (ريغان) وبما سمي بحرب النجوم سَحَبَتْ الجنرالات المتكبرين الروس إلى مواقع هي التي اختارتها كمصائد ونجحت¡ وانهار الاتحاد السوفييتي وتكسرت أجنحته¡ فروسيا وهي اليوم في المواجهة تحاول بالتصاريح الإعلامية عن اتفاق مع الرئيس الأميركي الجديد ولكن (ترامب) قال وصرح بما يريد أن يكون¡ فهناك أمور مؤقتة¡ كمسألة اللاجئين والممنوعين¡ ولكن الأهمية تكمن في أن إيران ستكون من الأولويات حيث بدأت بتهديد (إلغاء الاتفاق النووي) وأن إيران دولة ترعى الإرهاب¡ وهناك عقوبات وأفعال ستتخذ لكي تعرف دولة الفرس حجمها الطبيعي¡ فمهما أجرت من مناورات عسكرية بحرية أو جوية أو صاروخية¡ تدعي صنعها محليا وهي (صناعة روسية) وخبراء روس يعملون¡ وللروس تجارب في المنطقة والشرق الأوسط يعرفها الجميع¡ جَرَّتْ أكثر من دولة عربية إلى الهاوية بسبب سياسة التدخل ومحاولة إبراز العضلات ومن ثم تكون الحصيلة جر أذيال الخيبة¡ والتاريخ لم يترك شيئا¡ فقد سجل كل ما مَرَّ بدقة¡ فمصر¡ والعراق¡ وسورية¡ وليبيا¡ كانت شعارات (حرية اشتراكية) في مصر¡ وفي سورية والعراق (وحدة حرية اشتراكية¡ أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة).
شعارات ذهبت مع الريح ولم يبقَ إلا التناحر بين الإخوة الذي جلبه (الخريف العربي)¡ مما أوجد الفرصة لمن يعادي العرب أن يتدخل بالقول والفعل¡ حيث أصبحت الدول التقدمية والمناضلة مسرحاً لكل سَفَّاح ومرتزق ومأجور يؤدون أدوارهم المعدة لهم¡ والحلول كما يؤمل في أيدي الدول الكبرى¡ فمن مؤتمر إلى مؤتمر¡ ومن محادثات إلى محادثات¡ وخلط أوراق جعلت الأمة العربية في مهب الريح¡ وهذا ما فتح شهوة الفرس على التحرك¡ ولكن منطقة الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية¡ وما قام من تحالف بين دولها من مواقف في مواجهتها عَرَّفَتْ إيران قدرها وحجمها¡ وستعرف هي أكثر في القريب العاجل كيف تكون (عاقبة المجازفة والانتفاخ الوهمي¿).




إضغط هنا لقراءة المزيد...