-
الجاليات
المقاطع التي حملت مشاهد عنف استهدف رجال الأمن¡ كانت صادمة ومزعجة¡ وأيضا خادشة لعنفوان الصورة الذهنية التي يحملها المجتمع لرجال الأمن.
ومن هنا نتوقع أن يكون حجم ردة الفعل كبيراً¡ واحترافياً ولا يقتصر على الجانب الأمني فقط¡ في التعامل مع ملف الجاليات ذات الاشكاليات القانونية والنظامية.
الاستيطان غير القانوني قضية دولية تعاني منها الكثير من دول العالم¡ وترتبط طرديا باتساع الهوة بين الشمال والجنوب¡ وفرنسا الدولة الأم لدستور الحقوق والحريات¡ تعاني من مواجهة مع جالياتها تشتعل دوما في ضواحي باريس ومرسيليا بشكل يعكس فداحة المأزق¡ الولايات المتحدة التي أسس دستورها على احتضان المهاجرين¡ أصبح التخلص من المهاجرين أحد الشعارات الانتخابية المروجة في الحملة الرئاسية الأخيرة.
الاتحاد الأوروبي الذي طالما تعامل مع الجار التركي بصرامة وعجرفة¡ غيّر من أسلوبه راجياً تركيا أن تتعاون معه في ملف المهاجرين¡ واختار أن ينمي البلدان التي قدموا منها¡ ومدهم بالمعونات الاقتصادية¡ بهدف خفض نسب البطالة في بلدانهم¡ وتقليل من أعداد الفارين فوق مراكب الموت¡ والتي جعلت من البحر المتوسط بحيرة لفجائع المهاجرين.
الجاليات الهاربة من مواطنها أكبر تحدٍ إنساني للمجتمعات المتحضرة في العصر الحديث¡ مع اتساع الهوة بين الشمال الثري المستقر واقتصاد الوفرة¡ والجنوب الفقير الذي يكابد شرور صندوق باندورا من الجهل والمرض والفقر.
على المستوى المحلي¡ لانستطيع أن نجزم بأن التحرك الأمني سيحسم القضية¡ فملف الجاليات يحمل صيغة بالغة التعقيد¡ وتتعالق به الكثير القضايا¡ أبرزها الإرث التاريخي للمملكة عموما¡ ومنطقة الحجاز على وجه الخصوص¡ فمجاورة الحرم ومجاورة زمزم¡ يدخل ضمن النسيج التاريخي والثقافي للمنطقة¡ فمجاور يهب نفسه للعبادة والعلم¡ أو مجاور فر من أنظمة مستبدة كالنظام الشيوعي في مطالع القرن¡ إلى أن خرج الموضوع عن السيطرة مع الطفرة الاقتصادية الهائلة التي شهدتها المنطقة¡ عندما لوت القوافل أعناقها عائدة¡ ولم تعد المنطقة منطقة طاردة للسكان¡ بل باتت منطقة جاذبة ومغرية ومكتنزة بالفرص.
فمن السهل أن نميل إلى خيار شيطنة الآخرين الغرباء ونسبة كل الشرور لهم¡ لكن جميعنا نعرف بأن الأمر لايقتصر على هذا¡ فيغدو عندها من الواجب أن نتساءل عن حلول التأهيل¡ والدمج¡ والتطوير التي غابت عن هذه الفئات عبر السنين.
-معظم هذه الجاليات قد ولدت في المملكة¡ واتقنت الكود الثقافي المشترك للسعوديين¡ وأصبح عملية الاستثمار في قدراتهم وطاقاتهم هدفا ايجابيا مربحا ومثريا في الوقت نفسه¡ فقط هم بحاجة إلى صيغة قانونية تضمن لهم الاستقرار طويل المدى¡ أيضا إلى جوار هذا لابد أن يكون حاضرا بوضوح¡ الدرب الذي يقود إلى الخارج بلا عودة¡ لجميع من يتحدى أنظمة البلاد ويتجاوز القوانين.
قدر المملكة حمّلها مقاليد خدمة الحرمين¡ وهو شرف يتتبعه الكثير من المسؤوليات والمهام التنظيمية.
إضغط هنا لقراءة المزيد...
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى