انتهت حمى الانتخابات الأميركية التي أشغلت العالم في الأسبوعين المنصرمين. أما عن نتائجها فالأمر بالنسبة لنا سواء. الشعوب الناضجة لا تنتظر المدد من الآخرين. لا أتذكر أن الكونجرس الأميركي مد يد العون لأي دولة لا قوة لها في واشنطن. لكن من جهة أخرى إن آخر شيء يفكر فيه الناخب الأميركي القضايا الخارجية. صراع أميركا الخارجي هو في الواقع صراع داخلي. ليس غريباً أن يصوت النائب الأميركي ضد الصومال أو مع الصومال وهو لم يسمع بالصومال من قبل. لكن المواطن الأميركي لا ينتظر من هذه الانتخابات أن تحل قضية فلسطين أو أن تساعد اللاجيئن السوريين على العودة إلى ديارهم أو تنقذ مسلمي الصين من معسكرات التصحيح.
أميركا هي قضاياها الداخلية ثم تنعكس على العالم. الغزو الأميركي للعراق الذي سبب آلاماً كبيرة للعراقيين والمنطقة لم يكن بالنسبة للسياسي الأميركي سوى مشكلة من المشاكل بين السياسيين الأميركان. عندما يشتكي الرئيس الأميركي أن الشرق الأوسط كلف أميركا عدة ترليونات هو يعرف أن هذه الترليونات لم تصرف على الشعب العراقي أو السوري. كانت من نصيب الشركات الأميركية التي خدمت الحرب.
الجيش الأميركي يقوم على العقود. عقد تمويل الوقود وعقد تمويل الذخيرة وعقد تمويل الإعاشة.. إلخ. فإذا أقامت أميركا حرباً في بلاد بعيدة انتعشت شركات وتخلقت وظائف وتحرك الاقتصاد الداخلي ولا يتوقف¡ تربح الشركات الأميركية على تمويل الحرب فحسب. بعد الحرب تأتي شركات الإعمار والإنشاءات إلى البلد الذي خربته الحرب وتستحوذ على عقود ضخمة.
عندما نتحدث عن أميركا ننسى ظاهرتها الطارئة على التاريخ ونتحدث عنها بوصفها دولة شبيهة بالدول الأخرى كبريطانيا وفرنسا وبروكينا فاسو. أميركا خمسون دولة متحدة. أمة لا شبيه لها في التاريخ الإنساني. تجاوزت الإمبراطوريات التي سادت العالم يوماً. كل دولة (ولاية) من هذه الدول هي في حد ذاتها دولة متقدمة تمتلك مخزوناً من المعرفة العلمية تستطيع وحدها أن تنافس الدول المتقدمة الأخرى في العالم. أميركا هي كل شيء. تنوع قدراتها يجعلها كوناً آخر.**الله وحده هو الذي يعلو على قدراتها.
العالم خارج أميركا لا يعرفه الأميركي ولا يحتاج أن يعرفه. بعض الاميركان يظن أن كندا ولاية أميركية وبعضهم يظنها دولة من دول الكاريبي ولا يخجل إذا اكتشف جهله هذا. هل تعرف ما هي ثاني أهم مدينة في كمبوديا. هل تشعر بالخجل عندما تقول لا.
الشعب الأميركي الذي يذهب للاقتراع يذهب بإلحاح من قضاياه الداخلية (الضرائب الهجرة الوظائف الجريمة السلاح).. إلخ. التنافس بين الديمقراطيين والجمهوريين بالنسبة لنا مادة للمتعة والإثارة كالتنافس بين برشلونة وريال مدريد لا أكثر ولا أقل.




http://www.alriyadh.com/1717055]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]