تداعيات أي أزمة لا تقل أهمية عن التعامل معها في بدايتها أو حتى في بلوغ ذروتهاº فهي مثل المريض الذي نجحت عمليته وبقيت المضاعفات بعض الوقت تحتاج إلى عناية ورعاية ربما أكثر من وقت المرض¡ وفي كل الأحوال تحتاج مرحلة التداعيات في كل أزمة إلى عملية تقييم مستمرة¡ وأولويات عمل مختلفة¡ وتنبه على الدوام لما يستجد¡ والتصدي له في حينه قبل أن يتضخم إلى موقف أو أزمة جديدة.
أزمة خاشقجي انتهت قانونياً بعد اتخاذ المملكة إجراءات وقرارات معلنة وعادلة وشفّافة ضد المتهمين¡ وسياسياً بعد أن عاد العالم إلى لغة مصالحه في التعبير عن مواقفه بكل وضوح¡ ومن بينها الموقف الأميركي الذي كان أكثر تعبيراً في الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع المملكة كحليف مهم في المنطقة والعالم¡ وإعلامياً انتهت بعد أن تحولت الأزمة من قضية خاشقجي الصحفي إلى محاولة استهداف النظام السعودي¡ حيث اتضحت النيات¡ وانكشفت المؤامرة¡ وتعرّت الوجوه التي كانت تنتظر ما يشفي صدورها المريضة!.
وعلى الرغم من كل ذلك لا تزال تداعيات الأزمة أكثر خطراً من الأزمة ذاتها¡ حيث هناك حراك سياسي مضاد مدعوماً من وسائل إعلام مأجورة لإثارة تفاصيل أخرى للأزمة¡ سواء ما له علاقة بموضوعها¡ أو القوى الفاعلة المرتبطة بها¡ أو الأطر الأيديولوجية التي تنطلق منها¡ ويتضح ذلك من التركيز على مواقف المملكة وتوجهاتها خلال هذه المرحلة¡ ومحاولة التقليل منها أو التشكيك فيها¡ إلى جانب محاولة إضعاف القوة المعنوية الشعبية وتأزيمها¡ وهي جميعاً تستدعي التنبه لها¡ والتعامل السياسي والإعلامي معها.
النظام القطري يمارس دوراً خطيراً بعد انحسار أزمة خاشقجي¡ وخسارة المعركة التي تنادى لها إقليمياً ودولياً¡ وفشله أو عجزه في تحقيق أهدافه¡ حيث يواصل مع أداة تمكينه قناة الجزيرة مهمة التصعيد مجدداً لتشويه صورة المملكة ونظامها السياسي¡ من خلال أولاً المال الفاسد المدفوع لوسائل إعلام ونافذين في مؤسسات ومنظمات حكومية ودولية وحتى لمتظاهرين في الشوارع¡ والثاني استغلال ممن يسمون أنفسهم معارضي السعودية في الخارج ومنحهم مساحة أوسع للظهور الإعلامي العلني¡ وتمويل برامجهم ومشروعاتهم واتصالاتهم المشبوهة.
ورغم كل ذلك التخطيط¡ والتمويل القطري الفاضح¡ والإعلام العدائي الممنهجº فإن جلوس ولي العهد مع كبار العالم في قمة العشرين أكبر رد على كل هؤلاء¡ وأكثر من ذلك تأكيد على أن القوي يبقى مع أقرانه يتحاور ويتفاهم معهم¡ ويترك للصغار العيش مع خيباتهم التي تكررت وانكشفت ولم يعد لها ما يمكن ترقيعه.




http://www.alriyadh.com/1721981]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]