رغم أن طالب الزواج لم يكن يجرؤ على طلب رؤية شريكة حياته¡ مجرد رؤية محدودة¡ ليقرر هل تصلح له الفتاة التي اختيرت من قبل الأم وبمباركة من قبل الأب¡ وعلى الابن أن يخضع لقانون متعارف عليه¡ هو ألا يرى الزوجة إلا في عش الزوجية¡ حتى إننا كنا نشبه الزوجة بالبطيخة¡ لا تعرف إذا كانت حمراء أو بيضاء¡ جيدة أو رديئة¡ إلا في ليلة الدخلة¡ ورغم ذلك فإن حالات الطلاق في هكذا تضييق كانت نادرةº بل إن مفاوضات ووساطات من الأسرتين كانت تجري للحيلولة دون تفكك رباط الزوجية¡ وعندما تعود الزوجة¡ وغالباً ما تعود¡ فإنها لا تعود إلا راضية مرضية!
لكن ومنذ سنوات¡ تغير المجتمع¡ وتغيرت العادات والقناعات¡ ومن ضمن ذلك سن أنظمة عديدة قد يؤدي تطبيقها¡ إلى المساهمة في تلافي ما يصل من أمراض وراثية أو متوطنة¡ ومن ذلك خضوع زوجي المستقبل لكشف طبي¡ وجرى كذلك الحث والتشجيع على رؤية زوجي المستقبل لبعضهما¡ وفوق ذلك كله دخلت قوانين العصر بصرامتها التامة في عقود الزواج¡ مثل حق الزوجة في عدم الزواج عليها إلا بإذنها¡ وحقها في العمل والاستقلال براتبها¡ وحق الرجل في أن تقوم زوجته بمباشرة حاجته المنزلية مثل الطبخ وغسيل الملابس وحقها ألا تعمل¡ وجرى كذلك شطط في المهر¡ ومخصصات لأسرة الزوجة ومؤخر موجع¡ كل ذلك تم بالتزامن مع إشاعة المعرفة عبر الدراسة المنهجية ووسائل الإعلام الحديثة. كل هذه الآليات الجديدة¡ للأسف¡ لم تساهم في استقرار الحياة الزوجية كما كانت زمن الآباء¡ وليس الأجداد فقطº بل إن وتيرة عدم التوافق والنزاعات زادت وتفاقمت¡ ما استدعى تدخل علماء النفس والتربية الأسرية للبحث عن حلول¡ تجعل حياة المقبلين على الزواج أكثر استقلالاً.
وتزامناً مع هكذا تطورات أصبح للابن والبنت الحق¡ دون خجل أو تردد¡ في رفض أو قبول زوج أو زوجة المستقبل¡ دون أن يكون أحد الطرفين على دراية أو معرفة بعروسة المستقبل¡ بالرؤية والحوار معاً¡ في حضور أحد من أهل زوجة المستقبل¡ بناء على ذلك يكون من حق أحد الطرفين عدم الاستمرار في الخطوبة¡ المرتبة في الغالب بين الوالدين¡ وحتى الزيجات التي باتت تتم ضمن هذه الأطر باتت تمر بما تمر به السفينة¡ من سكون وهدوء واضطرابات وهي تمخر في البحر. أصبحت البنت والولد لا يخفيان مشاعرهما تجاه بعضهما حتى بعد الزواج¡ اختفت البنت الساكنة المطيعة¡ التي تأكل وتشرب وتتحرك¡ حسب رؤية الزوج وأمره أو توجيهه¡ وحلت مكانها البنت التي ترد وتعقب وتحتج وتثور¡ البنت التي تحرص على سريان رغباتها وتطلعاتها جنباً إلى جنب مع الزوج.
كل هذه التطورات الجديدة على المجتمع أفرزت وباطراد تفاقماً في حالات الطلاق في المجتمع السعودي والخليجي¡ ويكفينا للدلالة على ذلك إحصائية بسيطة نشرت قبل أيام ملخصها أن "التقرير الشهري لوزارة العدل لشهر شعبان 1440 احتوى إحصائية صادمة لعدد عقود نكاح وطلاق المواطنين¡ ووفقاً لتقرير وزارة العدل الإحصائي¡ كانت عقود النكاح 4436 عقداً¡ وعقود الطلاق للشهر نفسه 4035 عقداً".




http://www.alriyadh.com/1763011]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]