لقد فقد الوطن قبل أيام أحد رجالاته العظماء من الطراز النادر الذين بدؤوا مشوارهم السياسي خلال أهم حقبة سياسية في تاريخ الأمة العربية¡ وعاصروا العديد من الملوك الذين قادوا هذا الوطن. قد لا يعرف الكثير منا تفاصيل حياة العم فهد بن خالد السديري.. بدأ مشواره الطويل بين السياسة والاقتصاد منذ بداياته في وزارة البترول في الستينات مروراً بوزارة الإعلام وتولى منصب سفير في الكويت خلال فترة السبعينات¡ وأخيراً إمارة نجران.. تلك الخبرة لم توقف فيه حب المعرفة وظلت محبة الناس طبعه واحترامهم والكرم عندما يكون في موضعه¡ كان عميقاً في فكره وبسيطاً مع الجميع.
كنا في مزرعة العم فهد بن خالد السديري ليلة الجائزة التي تحمل اسم والده¡ أخبروني أن الإفطار هو الساعة التاسعة صباحاً¡ مواعيده كانت دقيقة¡ جاء موعد الإفطار وكان واضحاً أنه استيقظ مبكراً لممارسة رياضة المشي التي يمارسها يومياً ويحب أن يمارسها وهو يحمل الراديو لسماع الأخبار¡ وبعد ذلك قراءة الصحف¡ كان لديه القدرة على قراءة كم كبير من المقالات بالإضافة لحرصه على قراءة الكتب في وقت آخر من اليوم.
ظللت أحضر مجلسه الأسبوعي لسنوات والذي يبدأ في نفس التوقيت الدقيق وكذلك موعد العشاء بحضور ثري ومتنوع من الضيوف سواء مثقفين ورجال أعمال ومسؤولين وأدباء وأصدقاء¡ يتبادل معهم النقاش والحديث¡ وفي مرة في مطلع عام 2011 حيث كانت الاضطرابات قد بدأت في تونس سأله أحد الحاضرين متى تنتهي الاضطرابات¿ ولم يكن الوضع واضحاً حتى لوسائل الإعلام.. أجاب بكل بساطة أنها أجواء ثورة¡ البعض اعتقده يبالغ¡ وبعد أيام صدقت رؤيته.. وفي الأسبوع التالي أصبح الجميع يسأله عما يسمى بالربيع العربي¡ أجاب للأسف بدأت (الفوضى غير الخلاقة) التي ستؤثر على كثير من الدول وبعضها قد لا يتعافى ورجح أن مصر بها الكثير من المؤشرات التي ممكن أن تلحقها بتونس أكثر من أي دولة أخرى لكن مصر لديها القدرة أن تتعافى نظراً لتماسك مؤسساتها.
كان متابعاً للأحداث وملماً بالتفاصيل لدرجة تستغربها¡ وكنت أتشرف بالجلوس معه والنقاش والاستماع للكثير من آرائه. وبعد عشائه الأسبوعي يعطي الوقت لكل من له حاجة ليساعده ويدعم بقدر المستطاع¡ لا يبخل بكل ما يقدر¡ أما ما يتبقى من المساء فيمضيه في السمر مع أصدقائه القريبين.
رحمه اللهº كان قدوة ستبقى في العقل في احترام الوقت وفعل الخير وحب الوطن.




http://www.alriyadh.com/1773222]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]