في شهر ديسمبر من كل عام تنشط برامج توقعات الأبراج على بعض القنوات الفضائية وخصوصاً بعض القنوات اللبنانية¡ فتجد الكثير منها يستضيف عدداً من الأسماء التي نجحت بعض توقعاتهم للأحداث المستقبلية¡ وهي ظاهرة كانت موجودة منذ القدم¡ ونعلم أنها مهما كانت قريبة من الصواب¡ فهي لا تخرج عن كونها عملية من التنجيم لا تصل بطبيعة الحال للعلم الذي اختص ربنا به جل جلاله وهو علم الغيب.
ولكن لو تتبعنا ظاهرة كسب المشاهدات الجماهيرية بعيداً عن البرامج الرياضية والفنية¡ فلا ننكر أبداً أن استضافة من اشتهروا بهذا المجال تعتبر مكسباً إعلامياً للقناة¡ وتدر لها نسبة مشاهدة كبيرة ومكاسب إعلامية وإعلانية كبيرة¡ قد تكون هي الممول المالي للقناة خلال العام الذي يليه¡ وهذه حقيقة في ظل تراجع الإعلانات التلفزيونية وخصوصاً في بعض القنوات¡ بعد أن أصبحت برامجها مستهلكة وتفوق قنوات كبيرة عليها¡ واستحواذ عدد من القنوات المعروفة على الحصة الإعلانية في سوق الإعلان الفضائي العربي.
وأذكر أنه كان هناك قنوات متخصصة وبعضها ما زال يعتمد على ضعف ثقافة بعض المشاهدين واستغلالهم بالادعاء عبر الأبراج بمعرفة مستقبلهم والأحداث حولهم¡ وبطبيعة الحال لن أتحدث هنا عن الأسوأ من القنوات التي تعتمد على أمور خارجة عن إطار العقيدة الإسلامية وفيها من الدجل وادعاء السحر الكثير¡ ورغم المطالبات بإيقافها إلا أن أكثرها يتزايد ويستغل الكثيرين مالياً بسبب الجهل¡ وإن كنت أستغرب أن الجهل هنا ليس بمفهوم قلة التعلم¡ ولكن بالإيمان بمثل هذه الأمور وتصديقها!
فشاهدنا على سبيل المثال تصويراً حقيقياً لهذه الظاهرة الإنسانية المخيفة والتي تتطور حسب التقنيات الموجودة¡ فكان البث التلفزيوني المباشر أحدثها في الاستغلال¡ وهنا لابد من الإشارة للمسلسل الواقعي "الساحر" الذي أدى دور البطولة فيه النجم عابد فهد¡ وجسد من خلاله نموذجاً مشابهاً لما نجده حالياً من ادعاء البعض لقدرات خارقة تتنبأ بالمستقبل¡ واعتماد الكثيرين على تصديقه وخصوصاً من رجال السياسة والمال الذين حسب دراسات قرأتها يضعفون كثيراً أمام هذه الأمور مهما وصل بهم المركز الذي يشغلونه.
نعم هناك أحداث تنبأ بها البعض وتحققت¡ ولكن هذا الأمر لا يعطينا ضرورة التصديق المطلق لما يقولونه ويدعونه¡ فعلى مر التاريخ يوجد مثل هؤلاء ولا يصل الأمر إلى الاعتقاد الجازم بما يقولونه¡ واستغلال بعض القنوات الفضائية لهذه الظاهرة واعتبارها سبقاً إعلامياً لهم¡ يجعلنا ندعوهم لعدم استغلال المشاهدين بالصورة التي نراها¡ من خلال التأكيد المستمر أن ما يتم عرضه لا يخرج عن توقعات قد تصيب وتخطئ.
http://www.alriyadh.com/1858631]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]