أضحكُ على موقفٍ حصل معي في مراهقتي¡ فقد ذهبت لمحل ملابس وأُعجِبتُ بالبائع وأسلوبه الجذاب المتفاني وكلماته الجميلة¡ ولم أعرف كيف أكافئه إلا أن قلت لمّا حاسبت: الباقي لك. لم أقصد الإيذاء¡ لكن ببراءة الصبا ظننت أني أفعل شيئاً طيباً¡ لكنه اعتذر مني بلطف وقال: إن في هذا إساءة له¡ وجعلت أفكر في الموقف المحرج لما رجعت.
وقتها كنتُ مبهوراً به وبجاذبيته الشخصية¡ وهذا ما حدا بي أن أفعل ذلك¡ وآنذاك كلما التقيت شخصاً كهذا تمنيت أني كنت جذاباً لبقاً مثله¡ إلا أنني عرفت بعد فترة وتحديداً بعد قراءة كتاب ممتاز اسمه نعمة الخوف The Gift of Fear للمؤلف «غافن ديبيكر» أن هذه الجاذبية (charm بالإنجليزية) ليست حقيقية¡ بل هي مصطنعة دائماً¡ 100 % من الحالات¡ لا استثناءات. لا يوجد إنسان شخصيته الحقيقية كما تراها في المحلات أو المناسبات¡ متبسماً لبقاً منمق الكلمات متسق الحركات يسحر ويبهر. هذا أداء¡ تمثيلية¡ سطور محفوظة¡ ولغة جسد مدروسة¡ حتى إذا عاد لبيته رجع لشخصيته الحقيقية¡ شخص عادي كباقي البشر.
هذا ليس انتقاصاً من هؤلاء¡ ولكنه حقيقة¡ ومما يقوله ديبيكر أنه لا يوجد شخص جذاب¡ بل يوجد أداء جذاب (ضع تحت أداء 3 خطوط)¡ وأنك لو التقيت شخصاً وشعرت بالانجذاب السريع نحوه والإعجاب فاحذر! هذا يعني أن أداءه قد جذبك بلا شعور¡ وهنا يقول غافن: إن عليك أن تسأل: لماذا¿ لماذا هذا الشخص يحاول أن يجذبني¿ لماذا يؤدي هذا الأداء¿ هل يحاول أن يبيعك شيئاً¿ هل يريد أن يقنعك بشيءٍ ما¿ هل هناك استدراج¿ إنه لا يقدّم هذا الأداء الجذاب إلا لهدف معين¡ لأنه يستهلك طاقة وجهداً¡ ولن يبذله الإنسان إلا لو كان هناك عائد.
تذكر هذا كلما مررت بشخص يثير إعجابك بسرعة¡ تنجذب له في دقائق¡ دع ناقوس الخطر يرن¡ واسأل نفسك السؤال الكبير: لماذا¿




http://www.alriyadh.com/1859668]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]