لم يكن من قبيل المجاملة أو المصادفة أن تُدعى المملكة لقمة المناخ الافتراضية ضمن أربعين دولة حول العالم، وأن يلقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- خطاباً ملهماً وعمليّاً في أعمالها، فالمملكة ما فتئت تنافح عن كوكبنا، وتقرُن ذلك بالأفعال قبل الخطط، وبالواقع قبل الأماني.
تنطلق رؤية المملكة لمواجهة تحديات التغيّر المناخي مما قاله خادم الحرمين الشريفين في كلمته لقادة كوكبنا، بأن هذه التغيرات لا تعترف بحدود وطنية، وأنها تهديدٌ للحياة على كوكب الأرض، وأن "تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منهجة شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية حول العالم".
ويؤكد ذلك ما تبنته المملكة من مبادرات طموحة، كمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط، اللتين أعلن عنهما سمو ولي العهد قبل ثلاثة أسابيع، لزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بنسبة أكثر من 10 %، واللتين حصلت على تأييد لافت من دول الإقليم والمجتمع الدولي، وإطلاق حزمة من الاستراتيجيات الوطنية للبيئة، لتأصيل استخدام مصادر نظيفة ومتجددة من الطاقة، بهدف الوصول إلى قدرة إنتاج نصف احتياجات المملكة من الطاقة بحلول العام 2030م.
كما قامت المملكة على المستوى المحلي بالعديد من المبادرات المبتكرة والمشروعات المستدامة، منها إنشاء المحميات الملكية، بهدف المحافظة على الحياة الفطرية وتعزيز الغطاء النباتي، بالإضافة إلى برامج التوعية بتوفير الطاقة وتعزيز ممارسات الاستهلاك الرشيد، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئة، وبرامج مكافحة التصحر، بالإضافة إلى تشجيع تأسيس الجمعيات الأهلية الناشطة في مجال حماية البيئة ومكافحة التلوث، وأيضاً تشجيع ابتكارات الطاقة النظيفة، وتقنيات الهيدروكربونية النظيفة، واستثمارات الأبنية والصناعات الخضراء. وتعميق استدامة النظم البيئة، مما يضمن حق الأجيال المقبلة من الموارد، وهو ما يتجلى بوضوح في مشروع مدينة "نيوم"، والمشروعات الضخمة الأخرى، التي تركز على التفاعل الإيجابي مع البيئة المحيطة والحفاظ عليها، بدلاً من استغلالها وتدميرها كما يحدث في أغلب المشروعات الضخمة من حولنا.
ناهيك عن مبادرتي المملكة خلال ترؤسها لمجموعة العشرين العام الماضي، الأولى للحد من تدهور الأراضي، والثانية لحماية الشُعب المرجانية، وكذلك الدفع نحو تبني مفاهيم وتطبيقات الاقتصاد الدائري للكربون، وعقد الاجتماعات الدولية بحضور الأطراف الفعالة لتحقيق مزيد من التعاون والتنسيق الدولي.
تستشعر بلادنا أهمية الحفاظ على بيئة كوكبنا الذي نعيش جميعاً عليه قدر الإمكان، والعمل على تعزيزها وتحسين ظروفها، وتؤكد دوماً على التزامها بالتعاون لمكافحة التغيّر المناخي، وهو ما يزيد المسؤولية علينا كمواطنين ومقيمين على هذه الأرض الطيبة، فتحقيق المستهدافات الوطنية لا ينتهي بالخطط والمشروعات الحكومية، بل يعتمد على مدى إيماننا وتبني هذه المبادرات على المستوى الشعبي، وتحولها إلى أسلوب حياة، يعود علينا وعلى كوكبنا بالنفع المستدام والمستقبل الآمن.
http://www.alriyadh.com/1882290]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]