في 24 يناير من العام 2021م، صُنِع رقم قياسي جديد: شركة SpaceX الفضائية أطلقت أكبر عدد من المركبات الفضائية في التاريخ، حَمَلَت 143 قمراً صناعياً.
الفضاء طالما داعب الخيال، وكان الناس ينظرون للسماء يتأملون نجومها وكواكبها لكن لم يتخيل أحدهم أن الإنسان فعلاً سيصل إلى الفضاء، وظهر رائد الفضاء قبل بضعة عقود إلى مقدمة التفكير البشري، ومهمته أخطر وأعسر مما تظن، وانظر أولاً إلى لباسه الواقي، ترى خوذته، ترى عزلاً كاملاً له من الفضاء. لماذا؟ ليست مسألة عزل بسيطة، بل إن حمايته من أخطار الفضاء عملية ضخمة معقدة كما أتى في كتاب "الدرجات القصوى"، لأن الجسم لا يتحمل ارتفاعات عالية جداً، فانخفاض الضغط الجوي سيعسّر تنفسّك، وإذا طرتَ للأعلى ووصلت إلى 19 كم فوق سطح الأرض فإنك تصل لشيء يسمى خط أرمسترونغ، حيث يحصل شيء غير متوقع: تبدأ في الغليان!
إن درجة غليان الماء ترتفع كلما ارتفع الضغط المحيط به، ولهذا فإنك إذا وضعت الخضار في قِدر الضغط المُحكَم فهي تُطبَخ بسرعة، لأن الضغط يرفع الدرجة التي يغلي عندها الماء ويسمح بدرجات حرارة أعلى قبل أن يغلي الماء، مما يسرّع الطبخ، وكما أن الضغط إذا زاد ارتفعت درجة غليان الماء فالعكس صحيح: كلما قلّ الضغط قلّت درجة الغليان. الماء يغلي عند 100 درجة مئوية، وإذا قل الضغط كما في قمة إفرست مثلاً فإن إبريق الشاي سيصل للغليان في درجة 70 مئوية، وأما في خط أرمسترونج فلكي يغلي الماء فما عليه إلا أن يصل لدرجة 37 مئوية.. أي حرارة الجسم البشري! فقاعات البخار في الجسم تتضخم وتُوَرِّم الأنسجة الرقيقة وتجعل الجسم ينتفخ كالبالون. الغريب أن الدم لا يغلي في الشرايين؛ لأن جدران الأوعية الدموية تعمل مثل قدر طبخ وتمنع الماء في تيار الدم من أن يصل إلى الغليان، لكن يختلف الوضع في الأوردة، حيث الدم يمشي في طبقات ضغط أقل بكثير، وفقاعات البخار تتشكل، وإذا طال التعرض للفضاء العالي فإن الفقاعات تكبر وتسبب نقاط اختناق هوائي وتوقف الدورة الدموية وفي النهاية القلب نفسه، لهذا فمن يتعدى خط أرمسترونغ عليه أن يستبدل القناع بحُلة فضائية مضغوطة تُحيطه بجوٍّ صناعي يسمح بالحياة.
الفضاء جميل رومانسي، لكن فقط من بعيد!




http://www.alriyadh.com/1891822]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]