بضعة أسابيع قليلة هي المسافة الزمنية بين ما حدث بالأمس القريب حينما تعرّضت أطهر بقاع الأرض وقبلة المسلمين مكة لهجوم حوثي جديد وبين أزمة سكان حي الشيخ جراح أحد أحياء دولة فلسطين واندلعت على إثره حرب غزّة ومواجهة جديدة بين الكيان الصهيوني كما تسمّيه حماس وبين الفلسطينيين العزّل الأبرياء وسقط عدد من الضحايا والقتلى في حرب لا يخسر فيها سوى ذلك الفلسطيني المغلوب على أمره، وتخرج حماس منها بانتصار مزعوم ومحاولة استدرار الدعم المالي لجماعتها باسم إعادة إعمار غزّه ورغم رداءة تمثيل أبطالها إلا أن جمهور هذه المسرحية الحمساوية الهزيلة والمكشوفة أو هتّيفته من التُبّع من أصحاب هاشتاقات فلسطين قضيتي والعاملين فيها فلسطينيون أكثر من الفلسطينيين أنفسهم قد انكشفت ازدواجيتهم وأن قضيتهم التي يزعمون مناصرتها باسم الدين وما تمليه عليهم عقيدتهم يلجمهم الصمت حينما تتعرض في المقابل أرض المملكة لهجمات الحوثي والصواريخ الإيرانية أو وطنهم للأسف ولا نجد لهم أي موقف دفاع ولا حتى يكلفون على أنفسهم بدعوة للمملكة أو لوطنهم ولا نرى مظاهرة في ساحة ولا نشاهد لافتات ترفع ولا سنابة ولا رسالة واتساب ولا صورة أو شعار أو عبارة والأدهى من ذلك وأمر حتى حينما تعرضت قبلتهم وقبلة المسلمين كأنهم صم عمي بكم لا يسمعون ولا ينطقون!
هذه الازدواجية الصارخة حينما تكون فلسطين قضيتك كما تزعم وهي قضية كل مسلم حق ولكن في المقابل لا نرى أن مكة وهي قبلتك وأرض الحرمين وأعظم الأوطان عدا أو كان في ذات الوقت وطنك قضيتك فلا معنى لما تقول وتزعم ولا تفسير سوى أن حماس هي التي تشغلك وتروج لمشروعها السياسي مع جماعة وتنظيم الإخوان من خلالك وللأسف الشديد يستخدمك عدوك وعدو وطنك ومن يمول حماس ويقف خلفها ويمول الحوثي ويمده بالسلاح والصواريخ إيران التي لم تستعدِ إسرائيل كما تزعم وتدعي وإنما لا عدو لها سوى السعودية والخليج وتسعى ليلاً نهاراً لزعزعة الأمن في المنطقة وكانت السبب الأول وراء ذلك الخراب والدمار في بعض دول الخراب (الربيع) العربي واحتلال كم عاصمة عربية وامتلاك قرارها وسيادتها.
ما حدث ويحدث اليوم من هذه المفارقات والازدواجية الصارخة في مواقف البعض ممن انطلت عليهم خدعة الأممية يُعيدنا للمربع الأول ونستحضر كيف اشتغل مشروع الصحوة وتنظيم جماعة الإخوان وأدواته من دعاة السياسة
ينبزون الوطنية بالوثنية والوطن بالوثن في رمزية للنظام السياسي الحاكم في دول الخليج عموماً فحينما كانوا يحرمون ويحاربون الاحتفال باليوم الوطني ويعارضونه -على سبيل المثال- لم يكن عبثاً بل لأنهم يدركون أهمية الوعي المتراكم في الذاكرة الشعبية حيث سيكون للوطن قيمة شعورية تتنامي مع الزمن وتكبر وهذا بكل تأكيد ضد مشجعي وأنصار الأممية السياسية القائمة على إلغاء البقع الجغرافية المحددة والتي تسمى اصطلاحاً في علم السياسية الأوطان.
ونتيجة لذلك سنجد من الطبيعي أن يفرز من تلك التنشئة الإخوانية أو الصحوية والمنتمين الموالين لجماعة وتنظيم الإخوان هذه الازدواجية المضحكة حينما ينطق في غزة وحماس ويصمت في مكة ولذلك نقول بملء فينا نعم (مكة قضيتي) ومن لا يرى أن مكة قضيته فليراجع دينه ومن لا يرى السعودية وطنه وقضيته الأولى فليراجع حقيقة ولائه وانتمائه!




http://www.alriyadh.com/1892364]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]