لعلي أكون غير مبالغ إذا قلت إن الهيكلة من أكثر أدوات الإدارة فاعلية وتأثيراً، وهي نتيجة لذلك تستحق عناية خاصة، ولأن الهيكلة من أدوات تنفيذ الاستراتيجية، فإنها من أوعية الثقافة المؤسسية كذلك، وكما يقول بيتر دركر فإن ثقافة المؤسسة تلتهم الاستراتيجية التهاماً، فهي بحاجة للهيكلة باعتبارها ممكناً لها، وقد يستمر العمل باستراتيجية المؤسسة مدة أطول من بقاء هيكل المؤسسة من دون تغيير، فإذا وجدت عقبات تنفيذية، فستكون الهيكلة ضمن خيارات الإصلاح التي بيد القائد، إنما إذا وجدت مشكلات تنفيذية واتضح أن الهيكلة بحاجة لتحديث، فما خطوات إعادة الهيكلة؟
يمكن أن تقسم خطوات إعادة الهيكلة إلى شقين مهمين: فهم المتطلبات وإيجاد التصميم الذي يلائمها، لفهم المتطلبات، على المؤسسة أن تبني مبررات إعادة الهيكلة بالإجابة على الأسئلة التالية: هل يتناسب التغيير المقترح مع الاستراتيجية؟ هل توجد خيارات أخرى غير إعادة الهيكلة يمكن أن تلبي المتطلبات؟ هل تمتلك المؤسسة القدرة على تنفيذ إعادة الهيكلة بنجاح؟ هل تمتلك المؤسسة الميزانية الكافية للتنفيذ؟ وإذا نفذت هل العائد من الفوائد بتناسب مع التكلفة؟ الإجابة الوافية على هذه الأسئلة قبل المضي في التنفيذ يضمن إطاراً مناسباً للخطوات التالية.
قبل البدء في الهيكلة على المؤسسة أن تنشئ إدارة مسؤولة لتنفيذها، تعمل هذه الإدارة على وضع أسس الحوكمة لعمليات الهيكلة المختلفة، وقبل الشروع في تصميم الهيكلة المناسبة، على فريق المشروع أن يدرس المتطلبات بدءاً من الرؤية مروراً بالأهداف إلى إدارة التغيير، فعلى الفريق أن يتصل باستمرار مع القيادة وأصحاب المصلحة بأخذ مرئياتهم حول التغيير المرتقب، بعد الانتهاء من المتطلبات، على فريق المشروع أن ينفذ ثلاث خطوات متتالية ضمن مرحلة التصميم وهي: التصميم، والتطبيق، وإعادة التقييم والتحسين، ويمكن أن تنفذ الخطوات الثلاث عبر دورات متتالية مع وجود مقاييس للجودة والأداء ضمن حوكمة المشروع.
للوصول إلى الهيكلة المنشودة، على مكتب إعادة الهيكلة أن يدرك أنه ينفذ مشروعه ضمن الهيكلة القديمة، لذلك عليه أن يستفيد من عدد من الممكنات، من أهمها دعم القيادة، فإن نفذت إعادة الهيكلة بدعم القيادة ثم واجه الفريق صعوبات ولم يجد دعماً لتجاوزها، فإن ذلك يهدد نجاح المشروع برمته.
إضافة إلى التواصل المستمر مع أصحاب المصلحة، فإن ما يغفل عنه الكثير هو التدريب، حسب ما تأتي به إعادة الهيكلة من أساليب عمل جديدة، فإن التدريب من أهم ممكنات نجاح المشروع، فإذا كان نطاق الهيكلة صغيراً، فقد يكون ما ذكر مفيداً إنما غير ضروري، أما إذا كان نطاق الهيكلة كبيراً، فاتباع خطوات التنفيذ ضرورية مع وجود اختلافات مرحلية تتناسب مع مجريات الأمور، فكما أن الهيكلة أداة فعالة للتغيير، فإنها أداة خطيرة إذا استخدمت في غير مكانها، فالخطأ وإصلاحه ربما كلف أكثر مما لو بقي الأمر على ما كان عليه.
http://www.alriyadh.com/1893023]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]