خدمة حجاج بيت الله الحرام شرفٌ ومسؤوليةٌ عظيمةٌ لا يتصدى لها إلا السعودية وحسب، واحترافيّة أعمال الحج تتويجٌ لنجاحاتها المستدامة في رعاية ضيوف الرحمن؛ ليبقى "الحج الاحترافي" عيدنا السنويّ وفخرنا الأزلي..
واحد وتسعون عاماً ووطننا الكبير يرعى شؤون الحج ويرحب بأفواج ضيوف الرحمن من شتى أنحاء المعمورة، وأقطار العالم لأداء فريضة الحج، ومنذ تأسيس "المملكة" بقيادة الملك المؤسس - طيب الله ثراه - وحتى يومنا الحاضر، والسعودية وملوكها وشعبها تقدم المزيد من الاحترافية والابتكار والتميز لتيسر على الحجيج أداء مناسكهم براحة وطمأنينة وأمن وسلاسة في رحلة الحج الإيمانية العظمى.
وعندما جعلت "المملكة" مسؤوليتها وماضيها ومستقبلها وأهم واجباتها ديدناً لأجل خدمة ضيوف الرحمن؛ كان التجسيد الريادي والشرف الأعظم الذي يعتز ويفخر به قادة هذه البلاد ومواطنوها بخدمة الحرمين وهم يستقبلون بكل عزٍ وفخرٍ وشرفٍ كل عام الملايين من ضيوف بيت الله الحرام من مختلف دول العالم والجنسيات والانتماءات والطوائف.. فتقدم لهم الخدمات والتسهيلات كافة، باستعدادات كبرى عظيمة، وبإشراف مباشر من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين وحكومتنا ووزاراتنا ومواطنينا؛ بذلاً للغالي والنفيس لتيسير أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وانتهاء الرحلة التعبدية الأعظم بإيمان وسلام.
كانت جائحة "كورونا" اختباراً حقيقياً للعالم بأسره، وللدول وقوتها وحنكتها في تخطي مثل هذا التهديد، وكعادة المملكة وحرص قيادتها الحكيمة ودورها المؤثر المحوري، تتجلّى دوماً وتضطلع بأدوار كبيرة ومفصليّة تاريخيّة ودولية تجاه القضايا المعاصرة وإسهاماتها واهتماماتها بها تجاه أبناء الأمتين العربية والإسلامية، وتجاه العالم والمجتمع الإنساني؛ فكان قرار المملكة الحكيم بتنظيم فريضة الحج هذا العام أيضاً بعددٍ محدود للراغبين حجاج بيت الله في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، قرار حكيم ومأجور شرعاً.
القرار لم يكن سوى امتداد واضح لجهود قيادة المملكة، في خدمة الحجيج والتيسير عليهم والحفاظ على سلامتهم، مراعياً عدم تعطيل فريضة الحج والحرص على سلامة حجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن، إضافةً إلى إعلاء حفظ النفس كأهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وعياً بخطورة فيروس كورونا، في ظل انتشاره المتسارع وتهديده لأرواح البشرية.
وما التأييد والترحيب والإشادة بالقرار السعودي من العالم بأسره ودول العالم الإسلامي، وكذلك إشادة منظمة الصحة العالمية بفاعلية التدابير الصحية العامة التي تضعها وزارة الصحة السعودية لضمان تحقيق حج آمن، إنما يعكس حكمة القرار وبناء موقف إسلامي متماسك.
وهذا العام، وكعادتها تشرفت "السعودية" بتجنيد آلاف الكوادر البشرية المتخصصة لخدمة الحجاج من كل الجهات الحكومية، هدفهم الوحيد توفير جميع سبل الراحة لحجاج بيت الله الحرام، وليتفرغوا للعبادة وأداء النسك من خلال توفير جميع الخدمات الأساسية والأمنية، الصحية، الإرشادية، النقل، الاتصالات، الإسكان، الغذاء.. على مدار الأربع والعشرين ساعة، كللها نجاحاً آلية التنسيق بين الجهات الحكومية العاملة في الحج بغرف العمليات المشتركة على مدار الساعة، تعمل بكل احترافية والتزام بمعايير الجودة والتميز المؤسسي وفق الخطط العامة بالمهنية والالتزام.
وكخدمة "السعودية" الابتكارية والريادية دائماً في خدمة ضيوف الرحمن، سعت لاستخدام الوسائل التكنولوجية المتاحة لضمان تطبيق التباعد الاجتماعي والحد من انتقال العدوى، استحدثتها وزارة الحج والعمرة ببطاقة الحج الذكية "شعائر" والتي تسمح بوصول الحجاج دون تلامس بشري إلى المخيمات والفنادق ونقلهم في المناطق المقدسة بالإضافة إلى أنها ستساعد أيضا في تتبع أي حاج فُقد الاتصال به، كما تم استخدام روبوتات باللونين الأسود والأبيض لتوزيع قوارير مياه زمزم المباركة لضمان التباعد الاجتماعي.
وجهود مميزة كعادتهم، ينبري رجال الأمن بجهودهم المميزة من أجل التسهيل على حجاج بيت الله الحرام لوصولهم للمسجد الحرام، وكذلك الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتجهيزها صحن المطاف والممرات ومداخل الأبواب ومرافق المسجد الحرام بوضع مسارات افتراضية بالملصقات الأرضية المؤقتة التي تهدف إلى تنظيم مسارات دخول حجاج بيت الله الحرام وأداء مناسكهم لتضمن من خلالها تطبيق التباعد المكاني بين الحجيج، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة الحج والعمرة والقيادات الأمنية.
هذه التدابير تتم كلها حرصاً من المملكة على أن يتم الركن الخامس من أركان الإسلام في ظل أزمة كورونا مع تطبيق الإجراءات الصحية والوقائية حفاظاً على صحة وسلامة ضيوف الرحمن؛ وليتمكنوا من أداء الحج بأمن وسلام، ليعيش الحجيج جميع مناسكهم بكل هدوء وسكينة، تحفهم عناية المولى سبحانه وتعالى، ثم الجهود التكاملية للقطاعات الحكومية التي التزمت الخطط المرسومة لتحركات الحجيج بين المشاعر المقدسة.
ختاماً.. خدمة حجاج بيت الله الحرام شرفٌ ومسؤوليةُ عظيمةُ لا يتصدى لها إلا المملكة وحسب، واحترافيّة أعمال الحج تتويجٌ لنجاحاتها المستدامة في رعاية ضيوف الرحمن، ليبقى "الحج الاحترافي" عيدنا السنويّ وفخرنا الأزلي.
http://www.alriyadh.com/1897193]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]