تطرق المملكة أبواب عهد جديد، تخترق فيه الفضاء الرحب، متسلحة بأحدث التقنيات التي تمكنها من جمع بيانات عالية الدقة، تستفيد منها في إجراء الأبحاث والدراسات العلمية في العديد من المجالات، وستكون البداية عن النظم البيئية للأرض والمحيطات، ورسم خرائط مفصلة للبيئات الأرضية، فضلاً عن مراقبة صحة الغطاء النباتي وحالته، واستكشاف الأنظمة البيئية الساحلية والشعاب المرجانية، وتطوير أبحاث الزراعة الدقيقة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من تطبيقات علوم الأرض والبيئة.
حزمة الاستفادات تلك ستكون واقعاً مُعاشاً عندما تطلق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) وشركة سباير المتخصصة في تزويد وتحليلات البيانات والخدمات الفضائية، نهاية العام الميلادي المقبل، القمر الاصطناعي البحثي "كاوست كيوب سات" ليكون الأول من نوعه في المملكة والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية، من خلال اعتماده على جهاز التصوير فوق الطيفي المدعوم بقدرات متقدمة في المعالجة والذكاء الاصطناعي.
مثل هذه التقنيات لطالما احتكرها الغرب واحتفظ بأسرارها لعقود طويلة، حتى تكون له الغلبة في هذا المجال، واليوم ومع تحقيق متطلبات رؤية 2030 تعلن المملكة عن نفسها وتشارك الغرب هذه التقنيات بكل ثقة واقتدار، في مسعى منها أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون، والوصول إلى بيانات ومعلومات تستفيد منها في تطوير العديد من مجالات الاقتصاد ومراقبة البيئة، وتحسين معيشة الناس، ودعم مبدأ جودة الحياة، فضلاً عن إيجاد حلول علمية للعديد من مشكلات البشر عبر إيجاد براءات اختراع وابتكارات، يمكن أن تصبح منتجات تباع في الأسواق العالمية.
لا يمكن الفصل بين جهود المملكة في مجال حماية النظم البيئية، وبين جهودها الدولية في ترميم البيئة، ومواجهة الاحتباس الحراري، والمحافظة على المناخ، وحتماً ستكون البيانات الواردة من قمر "كاوست كيوب سات" الاصطناعي في غاية الأهمية، لتحقيق تطلعات المملكة المدرجة في رؤية 2030 فيما يخص تحسين المناخ، ورصد التحسينات الناتجة عن استراتيجيات إدارة البيئة، وبالتالي دعم مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
تصدّر "كاوست" و"سباير" لإطلاق هذا القمر بهذه الإمكانات المتقدمة ما هو إلا بداية قوية لسلسة تعاونات أكثر عمقاً وتوسعاً تطال مجالات أخرى غير البيئة، وهو ما يحقق هدفاً رئيساً دعا إليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما عبر بالتزامن مع إطلاق رؤية 2030 في صيف 2016 عن أمنياته أن يكون للمملكة جيل كامل من التقنيين الذين يعتمدون البحث العلمي أساساً لتطوير الحياة في المملكة والارتقاء بها في جميع المجالات.




http://www.alriyadh.com/1901928]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]