خطوات كثيرة نشهدها اليوم ونحن نحتفل باليوم الوطني الواحد والتسعين، نحتفل به ونحن أقوى من أي وقت مضى، وأكثر ثقة بالمستقبل. نفتخر بقيادة منا وفينا، تحرص على مصالح الوطن وترعى شؤونه..
الطائرة على وشك الإقلاع، درجت الطائرة على أرض المطار، طلب ربان الطائرة من الجميع ربط الأحزمة قبل الإقلاع، فالجو مليء بالمطبات الهوائية، وفي مسار الرحلة الطويلة أحوال جوية متغيرة. ستغادر الطائرة ذلك المطار القديم وتلك الحظائر والمباني إلى مطار حديث بخدمات راقية، خطط له بعناية، مبانية جميلة وقوية ونظيفة.
تلك الطائرة هي الوطن، وفي مقصورة القيادة قائدها الملك سلمان وعلى يمينه ولي عهده الأمير محمد يساعد ويتابع ويجري كل ما يلزم لضمان وصول الرحلة بسلام.
أمد الله بأعمار الكثير منا ليرى التاريخ يكتب من جديد، والوطن يسير في رحلته الميمونة نحو العالم الأول، لتكون المملكة بإذن الله أول الواصلين من دول العالم العربي والإسلامي إلى هناك، لم لا والقيادة أعلنت ذلك ووضعت خطواتها الأولى في ذلك الطريق، خطوات بدأت ببناء البيت الداخلي على أسس سليمة، وإطلاق رؤية المملكة 2030، وإصلاح التعليم ومكافحة الفساد، وتمكين المرأة لتصبح مشاركة وفاعلة.
الوصول إلى العالم الأول ليس بالشيء الصعب إذا وجدت الرغبة والإرادة ووضعت الخطط والأهداف واتضحت الرؤية، فلا يوجد مستحيل إلا ما نوجده نحن في أدمغتنا، ونرضى به ونؤمن أنه قدرنا ومصيرنا المكتوب لنا.
من ينظر إلى دولة صغيرة في مساحتها وإمكاناتها ومع هذا وصلت إلى العالم الأول بكل جدارة، يعلم أن كل دولة يمكنها أن تحقق ذلك، إنها سنغافورة التي لم تمانع ماليزيا باستقلالها عنها، فهي جزيرة صغيرة لا تتعدى مساحتها 650 كم مربع، يستوطنها الفقر والمرض والفساد، ويبلغ دخل الفرد فيها 400 دولار في السنة، ولأن القيادة كانت مخلصة وذات رؤية بعيدة فقد بدأ قائدها "لي كوان يو" أولى خطوات الإصلاح بإصلاح الداخل وأطلق عبارته الشهيرة "التعامل مع الفساد مثل تنظيف الدرج يبدأ من أعلى إلى أسفل"، وأصلح التعليم وأنشأ جامعتين من أقوى جامعات العالم، واهتم بالبيئة لتكون جاذبة وصحية، ثم جاب العالم مبتدئاً بالدول المجاورة فأنشأ معها معاهدات وصداقات ومذكرات حسن جوار تكفل التعاون وتنشيط تبادل السلع، ثم انتقل إلى الدول الغنية يبحث عن الاستثمارات بكل أنواعها، لا يهمه توجه الدولة بقدر ما يهمه كم ستستفيد منها سنغافورة، طرق أبواب الصين واليابان والاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت وكل دول الغرب، وأوجد سياسة متوازنة ومحايدة، في الوقت الذي كان فيه بعض قادة الدول العربية الذين وصلوا إلى الحكم على ظهور الدبابات يدمرون كل جميل في بلادهم، أمموا الجامعات ووسعوا السجون وضيقوا على الحريات، وكلما خرجوا من حرب أو أزمة دخلوا في أخرى، ناصبوا الدول الكبرى العداء، وفقدت العملة المحلية قيمتها وأصبح اقتصاد تلك الدولة الصغيرة سنغافورة أضعاف اقتصاد دول تملك المساحات الشاسعة والأنهار والثروات والعنصر البشري.
كل ذلك يقودنا إلى استنتاج مهم لا غنى عنه هو أهمية القيادة ودورها الحازم في السير الجاد لتحقيق أهدافها، واليوم نستبشر كثيراً بما تم ويتم من خطوات كان آخرها إطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية ليكون واحداً من أهم برامج الرؤية وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن من يرأسه هو ولي العهد مما يدل على أهميته، كما أنه أخذ ما يكفي من الوقت لدراسته من جميع الجوانب ومن أكثر من جهة، لم لا وهذا البرنامج يهتم بأهم مقومات القوة والثروة وهو الإنسان وتعليمه وتدريبه.
السبب الثاني للتفاؤل هو هذه المشاريع العملاقة التي يعلن عنها تباعاً والتي ستصبح مصدراً للسياحة ورافداً من روافد الاقتصاد، ومن أهمها مشروع نيوم والبحر الأحمر والعلا والدرعية والقدية والرياض الخضراء ومشروع السودة ومشروع التشجير الجبار داخل المملكة وخارجها.
السبب الثالث هو البحث المستمر عن القادة وتمكينهم فهم أساس تقدم الوطن وازدهاره، إضافة إلى تمكين المرأة وجعلها مشاركة ومساندة في البناء.
أما السبب الرابع فهو هذه الجهود المستمرة لمكافحة الفساد بكل أنواعه ومحاسبة كل من يتجرأ على استغلال منصبه كائنا من كان.
خطوات كثيرة نشهدها اليوم ونحن نحتفل باليوم الوطني الواحد والتسعين، نحتفل به ونحن أقوى من أي وقت مضى، وأكثر ثقة بالمستقبل. نفتخر بقيادة منا وفينا، تحرص على مصالح الوطن وترعى شؤونه، نحتفل بوطن كبير بمساحته وموقعه المميز بين القارات، وقوته الروحية بين الأمم، وغناه بثرواته الطبيعية وطاقاته البشرية. نشكر الله على كل ذلك وقد وعدنا الله بالزيادة إن شكرنا.




http://www.alriyadh.com/1909237]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]