نال المخرج والسيناريست التونسي عبد اللطيف كشيش السعفة الذهبية العام 2013 عن فيلمه "حياة أديل" وكان ذلك نجاحاً ساحقاً بعد أن توّج بالجملة مع أبرز ممثليه. في العام 2019 شارك كشيش في المهرجان نفسه بفيلم "مكتوب: حبي" نال عليه سخطاً كبيراً، مع كثير من التنمّر بسبب نسبة العري الذي لا معنى له في الفيلم، غادر متفرجون صالة العرض، وسخر البعض واصفاً العرض بثلاث ساعات من الخلاعة.
كاد الفيلم أن ينسف بسمعة مهرجان كان كله، وقد تساءل النقاد كيف تم قبول عرضه؟ لكنّه حتماً نسف بصاحبه إلى حيث لم يتوقّع.
مخرجون آخرون في دورات مختلفة خرجوا منكسي الرؤوس بسبب "سخافة" أعمالهم، مثل الدانماركي لارس فون ترايير بفيلمه "نقيض المسيح"، ومثل الألماني مايكل هاينيكي بفيلمه "ألعاب مضحكة" والذي وصفته جريدة "فيغارو" بأسوأ فيلم في تاريخ السينما بسبب نسبة العنف فيه...
تبقى الأمثلة أكثر مما قد تتحملها مساحة مقالنا المقتضبة، لكن ما يجب معرفته هو أن إخفاقات هذه الأفلام تكون دائماً لسبب واضح ومقبول، وبعض الممثلين والمخرجين يكررون بشكل خاص ظهورهم في هذا النوع من الأفلام بلا مبالاة غريبة مثل مونيكا بيلوتشي، وغاسبار نوي، وشارلوت غينسبورغ وليم دافو، على سبيل المثال لا الحصر، أمّا عن أفلامهم المثيرة للسخط فتنحصر في دائرة العنف والابتذال والسخرية من الأديان، إلى أن أتى فيلم ريش لكاتبه ومخرجه المصري عمر الزهيري بالتعاون مع الكاتب أحمد عامر الذي نال الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان كان، فانبثق من المشهد الفني سخط من نوع آخر، هو السخط ضد الفقر، وترددت عبارة "مصر مش كده" على ألسنة نجوم صف أول، وإعلاميين لهم منصّات تلفزيونية "طول وعرض" يثرثرون عبرها بكل الكلام المباح وغير المباح....
الفكرة الطريفة التي بنى عليها الزهيري فيلمه خيالية مئة بالمئة، أب فقير يقرر أن يحتفل بعيد ميلاد ابنه فيحضر "ساحر" ليقدم عرضاً، يدخل الأب في الصندوق فيتحول إلى دجاجة، ثم يعجز عن إعادته إلى صورته الأصلية. تواجه العائلة مصيرها بهذا الأب في نسخته الجديدة، وتسرد عذاباتها اليومية التي تعرفها كل الفئات المسحوقة ليس فقط في مصر بل في أغلب البلدان العربية والإفريقية، بل في العالم كله. بعد أن كشّر الفقر عن أنيابه بشكل أكثر شراسة منذ حطّت جائحة كورونا علينا.
السؤال لماذا وقف هؤلاء النجوم وقفة معادية للفن؟ وهل أصبح الفن في مجمله اليوم مجرد استعراض مفرغ من رسالته؟
يتطلّب الوضع أحياناً أن نرتدي ثوب سهرة فاخراً وبدلة سموكينغ ونتسلّق السجادة الحمراء لا لنحتفل بثرائنا وجمالنا بل لنطلَّ على بؤس العالم، ونعترف به، إنّه الجانب الأكثر قسوة في مهرجانات السينما الشهيرة. الأوسكار، كان، فينيسيا، وغيرها من المهرجانات المختلفة تماماً عن كرنفالات عروض الأزياء التي عندنا.




http://www.alriyadh.com/1915727]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]