من بين صور الطفرة التنموية، التي ظلت المملكة تشهدها منذ منتصف التسعينات من القرن الهجري المنصرم إلى اليوم، ازدياد المنشآت على السواحل، حيث حدا هذا الأمر ببعض الجهات، جراء التوسع السريع في المدن الواقعة على شواطئ المملكة، إلى ردم مساحات من واجهاتها البحرية، من أجل استغلالها في عمليات البناء وأعمال الإنشاء، ما تسبب في إزالة الكثير من المعالم البيئية للسواحل، علاوة على فقدان العديد من مواردها البحرية، وشعابها المرجانية، ومصائد الأسماك بها، إلى جانب خسارة بعض ما تضمه من الأحياء البحرية الدقيقة. فقد ارتفعت وتيرة ردم الشواطئ، وبالذات للأغراض السياحية والسكنية في تلك المدن، قبل أن يتم تدارك تداعيات هذا الأمر، فيجري تشكيل لجنة من الجهات الحكومية ذات العلاقة تسمى (اللجنة الدائمة لحماية بيئة المناطق الساحلية) من مهامها دراسة جميع مشروعات الجهات الحكومية والخاصة والأفراد في المناطق الساحلية، التي تستدعي أعمال ردم أو دفن أو تجريف، للموافقة عليها من الناحية البيئية، وذلك قبل تنفيذها، وكذلك اتخاذ ما يلزم لحماية بيئة النباتات والشعب المرجانية على شواطئ المملكة وجزرها. فعملية الردم والتجريف والدفن، هي من الأنشطة التي تؤدي بالإخلال بالتوازن الطبيعي للبيئات البحرية، سواء كان ذلك الردم للشواطئ بالرمال وتجريفها لغرض توسيع المنطقة اليابسة لمشروع تنموي أو خدمي أو استثماري بالقرب من الشاطئ، أو دفن تلك الشواطئ بالنفايات والمخلفات التي تقذفها الأنشطة الحضرية المطلة عليها.
تأثيرات ردم الشواطئ على البيئة البحرية قد تكون مباشرة، كالقضاء على النباتات والحيوانات البحرية نتيجة دفنها بواسطة آليات الردم، وإتلاف أماكن حضانة ونمو وتكاثر الأحياء البحرية بالتجريف وتلويث مياه البحر من جراء النفايات التي ترمي على الساحل. أما غير المباشرة من آثار عملية الردم والدفن، فتظهر في زيادة عكارة المياه، التي تقلل من ضوء الشمس وتضعف قدرة النباتات والطحالب على القيام بعملية التمثيل الضوئي.
إعلان سمو ولي العهد الأسبوع الماضي عن إنشاء مدينة نيوم الصناعية العائمة "أوكساجون" تذكي الأمل بانتهاء حقبة ردم وتجريف شواطئ مدننا للأغراض التنموية والاستعاضة عن ذلك ــ إن لزم ــ بالجزر العائمة الأقل تكلفة والأكثر استدامة والأعلى مرونة، بل ومدار رعاية ودعم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في الوقت الحاضر.
http://www.alriyadh.com/1920447]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]