تتناقل بعض مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مدى شغف الأغنياء بالقراءة، ويوردون في هذا المجال عدد الكتب التي يقرؤها هؤلاء في العام: إيلون ماسك 120 كتاباً، بيل غيتس 100 كتاب، وأرين بافيت 80 كتاباً، وجيف بيزوس 50 كتاباً.
أما مارك زوكربيرغ فإنه يتطلع إلى قراءة كتاب كل أسبوعين.
وأنا أعتقد بأن الحديث يفترض أن يدور ليس عن شغف أصحاب الثروة بالقراءة، وإنما عن دور القراءة في صنع هؤلاء وتحولهم إلى أثرياء وفعالين في مجتمعاتهم وبلدانهم، بل والعالم. فإيلون ماسك، الذي قرأ الموسوعة البريطانية وهو في التاسعة من عمره، قد سخر المعارف التي حصل عليها من قراءته للكتب في الوصول إلى ما وصل إليه وتأسيس شركة "سبيس إكس" و"تسلا موتورز" وغيرها، الأمر الذي أهله لاحتلال المرتبة 21 ضمن قائمة أكثر الرجال نفوذاً في العالم.
وأنا لا أعتقد، بأن حب القراءة ظاهرة تأتي من تلقاء نفسها. ففي معظم الأحيان يكتسب الأشخاص هذه العادة نتيجة التربية وحث الوالدين لأطفالهم على القراءة منذ نعومة أظافرهم. ولهذا يفترض أن نغرس هذه العادة عند أطفالنا، وذلك حتى نتمكن من إنشاء جيل قادر، ليس فقط على مواجهة الحياة وما أصعبها، وإنما أيضاً على لعب دور مؤثر فيها يأخذهم إلى القمة ويرتقوا ببلدنا إلى قمم الرقي والتقدم.
وبحكم خبرتي المتواضعة، فإن أصحاب الأعمال الذين عملت في بيئتهم فترة لا بأس بها، يتفاوتون ليس من حيث حجم الثروة التي يمتلكونها فقط، وإنما وفقاً للمعارف التي لدى كل واحد منهم أيضاً. فهذه المعارف وليس الأموال وحدها، هي التي تجعل منهم شخصيات لها شأن. وأنا هنا لا أقصد المعارف الجامعية، وإنما المعارف الفردية المكتسبة من خلال الاطلاع والقراءة. فهذه المعارف التي اندمجت مع الخبرة والمراس هي التي أهلتهم للوصول إلى ما وصلوا إليه، فالمناصب التي يحتلها أصحاب الأعمال، ليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بمقدار الثروة التي لديهم فقط. فالعديد منهم قد تبوأ مراكز حساسة في الدولة والمجتمع، نتيجة سعة الاطلاع التي لديهم.
من هنا، فإن غرس حب القراءة عند أطفالنا، يصبح ليس من الأمور الثانوية. ولذا، يفترض ألا نعول على البيت وحده في هذا الشأن، فالمدارس هي الأخرى مدعوة للمساهمة في خلق جيل سعودي يهوى القراءة، لأنه بمقدار ما نتمكن من تربية جيل يحب الاطلاع واكتساب المعرفة، بمقدار ما نخلق الظروف الذاتية المناسبة لظهور قادة المستقبل -مثل إيلون ماسك- الذين سوف يقودون التحولات الاقتصادية والاجتماعية في بلدنا خلال الـ 50 عاماً المقبلة.
http://www.alriyadh.com/1923303]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]